الرئيسية / المقالات / الإخوان يدفعون ضريبة فساد الأنظمة بقلم: عامر شماخ

الإخوان يدفعون ضريبة فساد الأنظمة بقلم: عامر شماخ

لو أجري حصر دقيق منصف، منذ أوائل أربعينيات القرن الماضى وحتى اليوم -حول ما قدمه الإخوان من تضحيات لهالنا ذلك الحصر، ولأفزعتنا أرقام الشهداء والمعتقلين، والأموال التى صودرت، والعائلات التى شردت؛ إذ بلغ شهداؤهم الآلاف، وتجاوز المعتقلون والمسجونون مئات الألوف، وقد تتخطى سنوات سجنهم ملايين السنين، وقد تصل أموالهم المصادرة عدة مليارات، فضلا عن الإساءة إليهم، وتشويه سمعتهم، وحرمانهم من أبسط حقوق المواطنة، كأنهم خلق غير الخلق، وبشر غير البشر..

والعجيب أن هؤلاء الناس لم يصرفهم ما وقع لهم عن دعوتهم شيئًا، ولم يلتسموا شفاعة أحد، ولم يطلبوا العون إلا من الله، بل نجد أحدهم قد خرج للتو من سجنه فلا يصل إلى أهله وذويه حتى يمر على إخوانه يجدد العهد ويقدم البيعة؛ ليقينهم فى دينهم، ولثقتهم فى مبادئهم، ولإدراكهم -من قبل التحاقهم بركب الدعوة -مشاق الطريق ووعورته، وعقباته وأشواكه، فلا عجب أن يُسجن أحدهم وهو شاب لم يبلغ العشرين، فلا يزال يتقلب فى سجون (المحروسة!!) على مدار سنوات عمره حتى يتوفاه الله وقد بلغ من العمر عتيًا، فلا تسمع منه كلمة ضجر، ولا تجده قد استكان إلى راحة أو دعة، بل عاشرناهم فوجدناهم أسعد الناس وربما لا يملك أحدهم من حطام الدنيا شيئًا.

لقد رُبِّى الإخوان على مائدة القرآن، وعلى سنة النبى العدنان، واعتادوا ما اعتاده السلف الصالح الكريم، ما جعلهم شامة بين الناس؛ لمن عرف قدرهم، خطرًا على الجميع؛ لمن حاد الله ورسوله، ساعد فى ذلك تلك الأنظمة الفاسدة التى وضعت يدها فى يد الأعداء، فلاتزال تتحرش بهم، وتفتنهم عن دينهم إن استطاعت، والإخوان رغم كل هذا صابرون، ثابتون لا يخافون إلا الله، ولا يخشون أحدًا سواه، ولا يقادون برغبة أو رهبة.

أما العقبة الأخطر فى طريق الإخوان فهى جهل الشعوب التى تواجدوا فيها، وهى شعوب مسكينة خرجت من حضانة المحتل، إلى كفالة الأنظمة (الوطنية!!) التى أتى بها المحتل، فدخلت فى أطوار عجيبة من الجهل والنفاق، فرموا الإخوان بكل عيب ونقيصة؛ لا يعرفون حقيقتهم ولا يرغبون، غرهم فى ذلك استيلاء عصابات الحكام على مصادر ووسائل الإعلام، فاستخفوا بهم وقلبوا لهم الأمور، وصوروا لهم المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، فصدقوهم وداهنوهم واعتبروا الإخوان هم الأعداء، والصهاينة هم الأهل والأحباب، حتى سمعنا كاتبًا كبيرًا يفترى الكذب، يدّعى زورًا أن المؤسس الشهيد ماسونى وأمه يهودية!!.

إذًا: لقد صار دور الإخوان دورين، ومهمتهم مهمتين؛ إذ مطلوبٌ منهم أن يكونوا دعاة، ينشروا الدين، ويقيموا العدل، وكذلك عليهم تنوير الخلق، والأخذ بنواصيهم إلى أبواب الخير، وتعليمهم وتثقيفهم، وتأديبهم، وهذا دور بسيط أمام الدور أو المهمة الأكبر، وهى إصلاح الأنظمة الفاسدة، والحكومات العميلة، والممالك التابعة الذليلة. وتلك العصابات لا ترى أحدًا أعدى لهم من الإخوان؛ من أجل ذلك لا يرفعون عنهم سوطهم، ولا يدعونهم يعملون كما يعمل المصلحون، وقد رأينا وسمعنا صفقات بين هؤلاء الإمعات وجهات غريبة للقضاء على الجماعة فى مقابل بيع أراض أو تفكيك جيوش، أو العيش فى تخلف وذلة.

يدفع الإخوان ضريبة سلبية هذه الشعوب التى استكانت لحكامها التابعين استسلام الأسير لمن أسره؛ حتى ليشعر بالامتنان أن فلانًا (المضطرب المعتوه) قد أصبح رئيسه وحاكمه. وهى مهمة أيضًا جد خطيرة، فهؤلاء السلبيون الجهلة يرفعون شعار: (لن نخرج حتى تخرجوا، ولن نهتف حتى تهتفوا)، أما التضحيات الحقيقية فهى من نصيب الإخوان، أما دافعو الضرائب فهم أعضاء الجماعة؛ نعم يدفعونها عن طيب خاطر ورضا نفس، ينتظرون الجزاء من الله، وهذا هو البيع الذى بايعوا به -لكنهم يأملون أن تستيقظ هذه الشعوب من نومها، وأن تخرج من جبنها وعجزها. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

شاهد أيضاً

ترزي القوانين وتعديلات دستور العسكر!! كتبه عزالدين الكومي

“فتحي سرور” الذي تجاوز الثمانين من عمره، تاريخه معروف،فهو أحد أعضاء التنظيم الطليعى الناصرى، وبعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *