الرئيسية / الاخبار / أخبار عامه / «ستراتفور»: بعد مرور عامين.. «رؤية 2030» السعودية في طريق شائك

«ستراتفور»: بعد مرور عامين.. «رؤية 2030» السعودية في طريق شائك

قبل عامين، أصبح «محمد بن سلمان»، ولي ولي العهد السعودي آنذاك، من أرفع الرموز الشبابية العربية شأنا وشهرة منذ أن فاز المطرب «محمد عساف» بالمركز الأول في مسابقة «عرب أيدول» عام 2013. وأعلن عن فخره «بالتراث التاريخي والثقافي لبلاده»، ووضع الملك الشاب المنتظر خطة اقتصادية جديدة لأمته، وهي «رؤية 2030».

وتهدف الخطة إلى تحقيق 3 أهداف سامية في المملكة العربية السعودية، وهي مجتمع نابض بالحياة، واقتصاد مزدهر، وأمة طموحة. وفي الداخل والخارج، وأثار الربح المحتمل في ظل «رؤية 2030» شهية المستثمرين الرأسماليين. كما أن الوعد بمجتمع أكثر انفتاحا استحوذ على خيال العديد من المواطنين السعوديين، الذين يتوقون إلى رقابة أقل، والمزيد من الانفتاح على الفنون وفتح عدد من دور السينما.

وكما هو الحال مع أي خطة كبيرة، بدأت تظهر متطلبات وتداعيات الرؤية. وفي الوقت الذي يتوقع فيه العديد من المراقبين تحديات كبيرة في تحول الاقتصاد السعودي على النحو المبين في «رؤية 2030»، بما في ذلك الخطوة غير المسبوقة لخصخصة جزء من شركة النفط الحكومية أرامكو، فإن نظرة إلى مسعى واحد صغير في تلك الرؤية يعطينا لمحة عن بعض العقبات التي تنتظرها.

الحديقة السرية

على بعد نحو 45 كلم خارج «أبها»، عاصمة محافظة «عسير» جنوب غرب المملكة، خلف قاعدة الملك خالد الجوية القريبة، وقبالة الطريق الإسفلتية المربعة على كل من الجانبين، يطالعك منظر مدهش مع رائحة جذابة؛ حيث تقع مساحة نحو 2.5 كلم مربع من الورود المتفتحة.

إنها الحديقة الصناعية أو مهرجان الورود الذي يدعى «ورد الطائف». وتصنع من تلك الورود مياه الورد والزيوت من أجل المنتجات العطرية مثل العطور والبخور.

وأخذت الشركة الصغيرة اسمها من «الطائف»، وهي مدينة في محافظة مكة تشتهر بالورود. وتقع محافظة عسير على هضبة عالية تتلقى بانتظام المزيد من الأمطار مقارنة ببقية البلاد. ويتمتع المكان بدرجات حرارة مرتفعة مشمسة تتراوح من 15 إلى 32 درجة مئوية، وهي ظروف أساسية لزراعة الورود.

ومن الأحد إلى الخميس يأتي العمال ويسحبون زهرة بعد زهرة من تيجانها ويقذفونها إلى سلال بلاستيكية. ويتم الدفع لهم يوميا لحصاد 25 كيلوغراما من بتلات الورد، ويتلقون مكافأة عن كل كيلوغرام إضافي. وغالبا ما يكون العمال من الأجانب، ومعظمهم من المصريين. والمدير التنفيذي هو «أشرف بركات»، وهو مهندس محترف من مصر.

وعندما تمتلأ السلال، ينقلها العمال إلى مصنع المعالجة في الموقع. وهناك، يتم وضع 25 كيلوغراما من بتلات الورد للغلي لمدة 10 إلى 12 ساعة في أحواض النحاس المستوردة من سوريا ومصر. ويتم تقطير البخار المعطر من خلال أنابيب التبريد، ثم يتكثف في النهاية إلى سائل، ويقطر إلى قوارير زجاجية ومعطرة تجمع 10 لتر من ماء الورد لكل منها.

وما يصعد إلى قمة كل زجاجة مثل الكريمة هو زيت الورد، ويكون مجرد بضعة ملليلترات. ويقول بركات: «إنه غال مثل الذهب. ويغسل خادم الحرمين الشريفين جدران الكعبة من الداخل بزيت الورد مرة واحدة في العام».

وتكون منتجات الورد الأخرى نادرة أيضا، إن لم تكن أقل ندرة. ويعتقد المعالجون بالأعشاب أن الصبغات المصنوعة من الورود قد تكون فعالة في علاج الاكتئاب والقلق والأرق، كما أن التاج، وهو الجزء المستدير من الزهرة أسفل الأوراق، يكون غنيا بفيتامين C.

وبالطبع لا تصلح الورود لتكون بديلا عن الصادرات النفطية، حيث تبحث السعودية عن تنويع اقتصادها في إطار «رؤية 2030». لكن ذلك يسلط الضوء على جزء هام من الحل؛ وهو أنه حتى تنجح الخطة، يجب على المواطنين السعوديين تعلم وممارسة مهن يقوم بها العمال الأجانب حاليا في المملكة.

وتشمل هذه الوظائف المهن الماهرة، بالإضافة إلى العمالة اليدوية غير الماهرة، مثل حصاد الورد. وتصف «رؤية 2030» مأزق العمالة في المملكة على مدى العقد الماضي، وتعطي مقترحا طموحا لمعالجته كما يلي:

«حقق قطاع التجزئة معدل نمو سنوي يزيد على 10%. ويعمل به في الوقت الراهن 1.5 مليون عامل، منهم فقط 0.3 مليون سعودي. ونهدف إلى توفير فرص عمل إضافية للسعوديين بحلول عام 2020 في قطاع تجارة التجزئة المتنامي، الذي يجذب العلامات التجارية الحديثة والمحلية والإقليمية والعالمية في جميع مناطق البلاد».

لا وردة بدون شوك

وبالطبع، لن يكون وضع «رؤية 2030» العملي بنفس السهولة. فما هو الطريق لدفع المواطنين السعوديين للحصول على وظائف مثل حصاد بتلات الورد، أو ليصبحوا مدراء عمليات مؤهلين في مثل هذا المصنع؟ وما هو مصير العمال الأجانب الذين يعملون حاليا في هذه الوظائف؟ هؤلاء هم الأشخاص الذين يرسلون الأموال التي تمس الحاجة إليها إلى أسرهم في أكثر من 100 دولة أخرى.

ويعمل اليوم 11 مليون أجنبي في المملكة، وفقا لـ «عرب نيوز». ويساوي هذا ما يقرب من ثلث مجموع سكان البلاد. ويحصد بعض هؤلاء المهاجرين الورود، ويبني بعضهم ناطحات السحاب، ويعمل بعضهم كسائقين بدوام كامل لدى العائلات للقيادة بالنساء إلى الأماكن التي يحتجن الذهاب إليها، فماذا سيحدث لهم عندما تبدأ النساء في القيادة بشكل قانوني في 24 يونيو/حزيران؟

تتساقط أوراق العشرات من شجيرات الورد في «ورد الطائف» عندما تطير طائرة من طراز إف-15 من القاعدة الجوية القريبة، التي ربما تكون ذاهبة في مهمة إلى اليمن. وسوف تستغرق التموجات الاقتصادية لرؤية 2030 وقتا أطول حتى يشعر العالم بنتائجها. ومع ذلك، فليس من المبكر جدا التنبؤ والتحليل والإعداد لآثار هذه الرؤية الجريئة.

شاهد أيضاً

الأمم المتحدة: الوضع في ليبيا غامض وقلقون بشأن المدنيين المحاصرين بمحيط طرابلس

أعربت الأمم المتحدة عن قلقها تجاه المدنيين المحاصرين في مناطق الاشتباكات بمحيط العاصمة الليبية طرابلس، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *