الرئيسية / المقالات / مكتب تنسيق المجتمع المصري بقلم: نبيه عبدالمنعم

مكتب تنسيق المجتمع المصري بقلم: نبيه عبدالمنعم

عندما كنا فى الثانوية العامة كان هناك طلاب يعتبرون أنفسهم أطباء ومهندسين من قبل الامتحان، بل كان منهم من تناديه أمه ومن حوله بلقب الدكتور والمهندس منخدعين فى مظهره الجاد وادعاء التفوق.

 

وقبل الامتحان تكون كل الأحلام مشروعة وكل الادعاءات ممكنة ومن حق كل واحد أن يفتح صدره ويتحدث بأريحية عن قدراته وجهبذته وثناء المعلمين عليه وربما يصدقه الكثيرون.

 

ثم يأتى الامتحان الحقيقى ليضع كل واحد فى حجمه ومقامه ودرجاته ومستواه، ثم تأتى النتيجة لينكشف الكل أمام نفسه وأهله والناس من حوله ولا يكون أمامه إلا مواجهة الحقيقة والاستسلام لأحكام مكتب التنسيق.

 

ولولا الامتحان العسير الذى حدث لنا بهذا الانقلاب اللعين.. كيف كنا نكتشف أن هؤلاء السياسيين ليسوا سوى مجموعة من الطبالين كانوا يمثلون علينا دور السياسى، وأن المحافظين والوزراء فى بلادنا بل الرؤساء فى غالب الأحيان ما هم إلا مجموعة من اللى لابسين مزيكا فى الفرقة الموسيقية، يحركون شفاههم فقط ويحركون أيديهم على الآلات، لكن اللحن الحقيقى والصوت الحقيقى يأتى من خارج المسرح، بل ربما من بلاد بعيدة خارج الحدود تماما؟؟

 

ولولا هذا الامتحان كيف كان ممكناً كشف جيش عشنا طويلاً نسبح بحمده وتربينا على دعايات بطولاته ومسلسلات مخابراته وأفلام المجد والوطنية.

 

ثم كشف لنا الامتحان قيادات فاشلة وعقليات تافهة ومخابرات متآمرة علينا وأجهزة أذلة على الأعداء أعزة على الشعب وأبناء البلد، وأسلحة لا تضرب إلا فينا ومصممة على إطلاق النار فى الداخل ومعطلة عندما تستدير ناحية العدو، وجنود بعضهم مساكين الإمكانات والتدريب يوضعون على الحدود للمتاجرة بدمائهم وآخرون مدربون مسلحون مجهزون لمواجهة الشعب والمعارضة وكل من يرفع صوته؟؟

 

ولولا هذا الامتحان الصعب كيف كان يمكن أن نكتشف هؤلاء الذين مثلوا علينا دور المشايخ حتى صدقناهم وتخفوا وراء لحاهم الطويلة ومارسوا الدعوة وأصبحوا نجوما على الفضائيات مستهلكين جهدنا سنين طويلة فى خلافات فقهية وأقوال مختلف عليها والتحذير من بدع التصوير تارة والتماثيل تارة وطريقة وضع اليد فى الصلاة تارة ومتحدثين فى كل قضايا الدين الفرعية، ومتجاهلين عن عمد وتضليل قضايا الأمة الكبرى ونظام الحكم الوراثى الفاسد والحاكم المتمكن الذى يمكن لليهود فى بلادنا، وكلمة الحق عند سلطان جائر بدعوى باطلة وبدعة منكرة لا أصل لها فى الدين “أن الحاكم المتغلب ذو الشوكة لا تجوز معارضته ولو سلميا” وكأن ابن تيمية كان من مثيرى الفتن وابن حنبل كان من الخوارج!!

 

ولولا هذا الامتحان الصعب كيف كان يمكننا اكتشاف هؤلاء الذين مثلوا علينا دور الثوار والصحفيين الشرفاء والناشطين حتى اشترينا جرائدهم من قوت أولادنا وانبهرنا بهم وحملناهم على أكتافنا فى الميادين حتى أظهر لنا الامتحان أنها كلها كانت أمورا تدبر بليل وأنهم جميعا مجرد صبيان المعلم الكبير وأن ما كانوا يلبسونه هو لباس التمثيل وعدة الشغل.

 

واكتشفنا أن بعض العلمانيين ليسوا علمانيين ولا بعض الليبراليين ليبراليين ولا بعض اليساريين يساريين ولا بعض الإسلاميين إسلاميين وإنما هم خليط من اللصوص والبلطجية وأصحاب المصالح تحركهم نفس الغرفة فى جهاز المخابرات العامة؟؟

 

ودون هذا الامتحان كيف كان ممكنا كشف هذه الملايين من عموم الشعب من أصحاب السبوبة أصحاب المخابز والمستودعات والمصالح والمرتشين فى المؤسسات وسماسرة الانتخابات وسريحة رجال الأعمال والذين كانوا يعطوننا من اللسان حلاوة قبل هذا الامتحان الصعب ويظهرون بمظهر الشريف كل فى موقعة، حتى إذا حانت لحظة الحقيقة تجمعوا جميعا على قلب رجل واحد مع الفساد وضد الإصلاح خوفا على أيديهم من القطع؟؟

 

وكيف كان ممكنا أيضا معرفة ملايين الشرفاء والثابتين والصامدين والشباب الطاهر النبيل والعاملين لربهم ولو كانوا فى آخر الصفوف لم تظهرهم إلا المحنة والنجاح العظيم فى الامتحان؟؟

 

عشرات الدروس وآلاف المواقف وملايين الشخصيات انكشفت وظهرت وتم الفرز وظهرت النتيحة وتم توزيع وتنسيق كل فى مكانه الذى يستحق فى قلوبنا وفى عقولنا وفى موقعه ومكانه فى قابل الأيام.

 

لا نرفع مرة أخرى من لا يستحق ولا ننخدع بالمظهر ولا نغمض عيوننا عن الجواهر المكنونة من المخلصين فى هذا الشعب من الإخوان وغير الإخوان.

 

إنها حقا تكاليف ضخمة وآلام وتضحيات وثمن عظيم لكنها دروس وفوائد تستحق وامتحان عسير وصعب لكنه كان لازماً ليضع كل فى مقامه ومكانه.

 

شاهد أيضاً

ترزي القوانين وتعديلات دستور العسكر!! كتبه عزالدين الكومي

“فتحي سرور” الذي تجاوز الثمانين من عمره، تاريخه معروف،فهو أحد أعضاء التنظيم الطليعى الناصرى، وبعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *