الرئيسية / الاخبار / أخبار عامه / رسائل فوز إسلاميي الأردن.. السلطة تلجأ لأكبر فصيل سياسي لمواجهة الفوضي

رسائل فوز إسلاميي الأردن.. السلطة تلجأ لأكبر فصيل سياسي لمواجهة الفوضي

لأنه يصعب تصور انتخابات حرة في الأردن، كما في غالبية البلدان العربية، والأمر لا يعدو أن يكون “تمرير” لحصة مدروسة من المقاعد للمعارضة، خاصة الإسلاميين، ولأن الساحة العربية تميل لإقصاء الإخوان تماما، طرحت أنباء إعلان فوز إسلاميي الأردن بقرابة 20 مقعدا من 130 حسب النتائج الأولية سؤالا جوهريا: لماذا سمحت الدولة للإخوان بالحصول على مقاعد رغم شيطنتهم بالإعلام ووضعهم على قوائم التنظيمات الإرهابية بدول عربية؟!

لكي نجيب على السؤال من المهم العودة إلى مايو الماضي 2016، حينما حل الملك البرلمان السابق، إذ جاء توقيت إطاحة ملك الأردن بالبرلمان والحكومة وتعيين رئيس وزراء جديد مقرب من تل أبيب وله ثأر مع ما أسماه “الهلال الشيعي”، ربما يعطي فكرة عن ملامح مجلس الأمة الثامن عشر المقبل والسياسات المقبلة المتوقعة.

لهذا قيل إنه لو استمر التخلص من الإسلاميين في البرلمان الجديد، فسيكون هذا مؤشر على أن حل البرلمان كان لأسباب “خارجية” لمواجهة المد الشيعي، ولا يقل أهمية عنها الأسباب “الداخلية”، وأبرزها التخلص من الحكومة والبرلمان القديمين اللذين أثارا احتقان الشارع عقب قرارات رفع الأسعار والضرائب.

الآن وقد سمحت السلطة بعودتهم، رغم عدم ظهور النتائج رسميا وعدم اعتراف لجنة الانتخابات بما أعلنه الإخوان عن فوزهم بحوالي 16-20 مقعدا حتى الآن، يبدو الهدف لم يتغير كثيرا، في ظل الحاجة لاستخدام التيار الإسلامي (السني) في مواجهة الهلال الشيعي.

فقد جرت الانتخابات في وقت يواجه الأردن ظروفًا أمنية واقتصادية صعبة فرضها النزاعان المتواصلان في سوريا والعراق المجاورين.

إذ إن مواجهة إيران ونفوذها في المنطقة، وعلى حدود الأردن مع سوريا، ربما كانت من أسباب تعيين رئيس الوزراء الجديد (هاني الملقي)، فهو صاحب المقولة الشهيرة المتعلقة بالتحذير من “الهلال الشيعي”، حيث ذكر لفظيا وبلور هذا المفهوم عندما كان وزيرا للخارجية في بدايات الاحتقان الذي سبق الربيع العربي وكان وزير الخارجية العربي الوحيد الذي تحدث عن خطورة “تشكيل هلال شيعي”.

ربما لهذا يمكن تلخيص رسائل السماح بفوز الإسلاميين (الإخوان) بحصة من البرلمان بأنها تتمثل في 3 أمور:

(الأول): السعي للاستفادة من تيار الإخوان السني في مواجهة المحور الشيعي الذي يطبق على الأردن من جوانبه المختلفة (العراق وسوريا وشمال غرب السعودية حيث الأقلية الشيعية).

(الثاني): استغلال التعديلات في قانون الانتخابات الجديد لبلورة برلمان جديدة أقل عددا، والاستفادة من حالة عدم الاتزان التي تعاني منها جماعة الإخوان -كبرى القوى المعارضة– بعد حل الجماعة وغلق مقراتها، في الضغط عليها وتحجيم عودتها بقوة.

(الثالث)
: تشكل مشاركة حزب جبهة العمل الإسلامي تحدياً للدولة واختبارًا لجماعة الإخوان التي قاطعت الانتخابات لنحو 9 أعوام وتحاول إعادة بناء شرعيتها عبر البرلمان، وفوزها وعودتها كأكبر كتلة معارضة في البرلمان كان الخيار الوحيد أمام السلطة للاحتشاد أمام مخاطر خارجية، ويبدو معادلة محكومة بصورة ما بطبيعة النظام العشائري الأردني.

الأغلبية للحكومة وأكبر معارضة للإسلاميين
وسبق أن قاطع الإخوان (حزب جبهة العمل الإسلامي) انتخابات عامي 2010 و2013 احتجاجًا على نظام “الصوت الواحد” بشكل رئيسي و”التزوير” في الانتخابات السابق التي جرت عام 2013، وحينما أقرت الحكومة في 31 أغسطس الماضي مشروع القانون الانتخابي الجديد الذي ألغى “الصوت الواحد” وخفض عدد مقاعد مجلس النواب إلى 130، أشادوا بتعديلات قانون الصوت الواحد الأخيرة، وقرروا المشاركة في الانتخابات.

وبدأت الهيئة المستقلة للانتخابات في الأردن الأربعاء 21 سبتمبر 2016، إعلان النتائج الأولية تباعًا للانتخابات التشريعية، وقال القيادي في جماعة الإخوان المسلمين زكي بني أرشيد “نحن سعداء فعليًّا بالنتائج الأولية المعلنة حتى الآن، نحن نتحدث عن 16 مقعدًا شبه مؤكد، وهدفنا كان 15 مقعدًا وهذا معقول.. فتوقعاتنا أن نصل لغاية 20 مقعداً”.

وكان الحزب حصل في آخر انتخابات شارك فيها عام 1989 على 22 مقعدًا من أصل 80 في مجلس النواب.

ووفقا لمعظم التقديرات، فإن الإسلاميين سوف يحصلون على أكبر كتلة في البرلمان، التي ربما تصل إلى نحو 25 من 130 مقعدا، تاركين المجال للحكومة للسيطرة على مؤسسة لها سلطة حقيقية في هذا النظام الملكي، ولكن مقاعدهم ستكون اختبارا لتأثيرهم في البلاد.

وخاض “التحالف الوطني للإصلاح” الذي يقوده حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين الانتخابات بـ 20 قائمة و120 مرشحاً بينهم شخصيات عشائرية وسياسية ومرشحون مسيحيون وشركس.

ونافس 1252 مرشحاً بينهم 253 امرأة و24 مرشحاً شركسياً و65 مرشحاً مسيحياً على 226 قائمة انتخابية على مقاعد مجلس النواب الـ 130، وجري تخصيص 15 مقعداً للنساء وتسعة مقاعد للمسيحيين وثلاثة للشركس والشيشان.

ووضع الحزب الاسلامي على قوائمه أربعة مرشحين من المسيحيين بجانب عدد من النساء على أمل الفوز ببعض المقاعد المخصصة للنساء، والمسيحيين.

ورأى بني أرشيد انه “رغم بعض الملاحظات والخروقات البسيطة التي سجلت، تبدو الأمور جيدة ومعقولة جداً”، وأضاف “نحن راضون بمستوى الإقبال على الاقتراع من ناخبي مرشحي التحالف الوطني للإصلاح”.

هل يستمر التوتر بين الإخوان والدولة؟
وبدأ التوتر بين جماعة الإخوان المسلمين والسلطات الأردنية مع بداية ثورات الربيع العربي عام 2011، حينما طالب نواب بمزيد من الحريات، وتأزمت العلاقة أكثر بعد منح الحكومة ترخيصاً لجمعية تحمل اسم “جمعية الإخوان المسلمين” في مارس 2015 تضم عشرات المفصولين من الجماعة الأم، والسعي لتمكينها من مقار الإخوان.

وسعت السلطات لاعتبار الجماعة الأم “غير قانونية” لعدم حصولها على ترخيص جديد بموجب قانون الأحزاب والجمعيات الذي أقر عام 2014، فأغلقت عشرات المقرات للجماعة بالشمع الأحمر، ولكن حزب جبهة العمل الإسلامي، الجناح السياسي، لا يزال مسجلا وقانونيا.

واتهمت الحركة الإسلامية السلطات بمحاولة شق الجماعة التي تشكل عبر جبهة العمل الإسلامي، المعارضة الرئيسية في البلاد.

ويبدو أن الجماعة اختارت التحرك على الطريقة التونسية، وأن تعلن مثل حركة النهضة أن “النسخة اﻷردنية من جماعة الإخوان تختلف تماما عن تلك الموجودة في القاهرة”.

فقد غيرت الجماعة شعارها التاريخي ليصبح “اﻹصلاح”، بدلا من شعاره القديم “الإسلام هو الحل”، وأعلنت أن أولويات الحزب في الفترة القادمة هي البطالة، والفقر، والرعاية الصحية، والتعليم، وحقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية، والديون، كما وضعت مطالب، الخبز، والمرأة، والمسيحيين على قوائم المرشحين، ولم تتحدث عن “الدين” مطلقا.

وهي أمور تبدو مقبولة لدي السلطات الاردنية التي ربما تسعي للاستفادة من الجماعة في مواجهة الخطر الشيعي، وداعش وتزايد التطرف في المجتمع الأردني.

والأهم أن الأردن يواجه مخاطر الفوضى، في ظل حروب على حدوده في سوريا والعراق، وأكثر من 650 ألف لاجئ سوري، ويحتاج للحفاظ على الاستقرار في ظل دعم سعودي وأيضا واشنطن التي تقدم 1.6 مليار دولار سنويا في شكل مساعدات، واستمرار النظام في مصادمة أكبر جماعة سياسية في البلاد لا يخدم أهداف مواجهة العدو الخارجي.

وقد ظهر من تحركات الإسلاميين في الانتخابات أنهم سعوا لنقل رسالة تتوافق مع هذا الهدف، أي وحدة الأردنيين في مواجهة العدو الخارجي، حتى أن مرشح الإخوان في بساتين الزيتون في ضواحي عمان، قال بوضوح في خطبته للناخبين: “اليوم نحن بحاجة للتوقف عن الحديث عن الانقسامات، إسلاميون ويساريون، قبيلة مقابل قبيلة”، ليبين لهم أن الخطر الخارجي أهم من الاختلافات الداخلية، ويكون هذا هو المخرج لعزل الإسلاميين هناك منذ الثورات المضادة علي جماعة الإخوان في الدول العربية المختلفة.

شاهد أيضاً

الأمم المتحدة: الوضع في ليبيا غامض وقلقون بشأن المدنيين المحاصرين بمحيط طرابلس

أعربت الأمم المتحدة عن قلقها تجاه المدنيين المحاصرين في مناطق الاشتباكات بمحيط العاصمة الليبية طرابلس، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *