شهد هذا الأسبوع أكبر خسائر لنظام الانقلاب على مستوى الاقتصاد الرسمي، من خلال تراجع البورصة والاستثمارات الأجنبية، فضلا عن استمرار سياسة الاقتراض التي تلجأ إليها سلطات الانقلاب لتعويض الفاقد والعجز الحادث في الموازنة.
وتراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 7.7 مليار دولار العام المالي 2018، مقابل 7.9 مليار دولار في العام المالي 2017.
فيما استحوذ قطاع البترول على 58% من إجمالي التدفقات الاستثمارية، مسجلا 4.5 مليار دولار، مقابل 3.2 مليار دولار للقطاعات غير البترولية، حسبما نقلت صحيفة “البورصة” عن تقرير ميزان المدفوعات الذي أصدره البنك المركزي أمس.
وقدر المركزي إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق للداخل بمبلغ 13.2 مليار دولار، مقابل 5.4 مليار دولار تدفقات للخارج.
واستهدفت حكومة الانقلاب جذب استثمارات أجنبية مباشرة تتخطى 10 مليارات دولار بنهاية العام المالي الماضي.
كساد متوقع
ووصفت عالية المهدي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، عدم زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة بأنها متوقعة في ظل حالة الركود التي يشهدها السوق المحلي والتي انعكست سلبيا على رغبة الشركات الأجنبية العاملة في مصر، وعرقلت خططها التوسعية.
وقالت المهدي في تصريحات صحفية، إن انخفاض الطلب المحلي دفع الشركات القائمة لتحجيم توسعاتها، وإن حالة عدم الاستقرار في الأسواق الناشئة بشكل عام أثرت على التدفقات الجديدة.
وتوقعت أستاذة الاقتصاد أن تسهم الإصلاحات التشريعية التي اتخذتها الحكومة العام المالي الماضي في زيادة صافي التدفقات العام المالي الحالي إلى 8.5 مليار دولار، لكن أكدت أن ذلك يتوقف على “خروج الأسواق الناشئة من حالة التحول الكبير التي تشهدها حاليا وتحسن مؤشرات الاقتصاد داخليا”.
أما الاستثمارات في محفظة الأوراق المالية فقد تراجعت تدفقاتها إلى الداخل إلى 12.1 مليار دولار، مقابل نحو 16 مليار دولار فى العام السابق، بحسب التقرير، نتيجة انخفاض استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة لتحقق صافي مشتريات 6.5 مليار دولار مقابل نحو 10 مليارات.
تراجع استثمارات الأجانب
كما واصلت استثمارات الأجانب في أذون الخزانة الحكومية تراجعها للشهر الخامس على التوالي لتسجل 14.155 مليار دولار بنهاية أغسطس مقابل 15.01 مليار بنهاية يوليو بانخفاض 855 مليون دولار، وفقا لبيانات البنك المركزي المنشورة أمس.
وبلغ إجمالي التراجع منذ مارس الماضي عندما بدأت موجة انخفاض استثمارات الأجانب في الأذون، 7.355 مليار دولار.
وتواجه حكومة الانقلاب، التي اقترضت بشكل كبير من الخارج منذ أن وضعت برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي في 2016، جدولا زمنيا صعبا لتسديد الديون الأجنبية في العامين المقبلين ، بالإضافة إلى ارتفاع فاتورة واردات النفط وفقا لتقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء أمس.
وتراجع الرغبة في ديون الأسواق الناشئة، بشكل متزايد بعد أزمات العملة في تركيا والأرجنتين في أغسطس، تسبب في خروج المستثمرين الأجانب من مصر.
وقال محمد معيط وزير المالية بحكومة الانقلاب إن مصر ربما تلجأ لبيع نحو خمسة مليارات دولار من سندات اليورو في الربع الأول من عام 2019.
لكنه أعلن الشهر الماضي عن إطلاق حملة ترويجية تبدأ الأسبوع المقبل للسندات في آسيا وأوروبا. مشيرا إلى أن بيع سندات اليورو ستبدأ “عندما نعتقد أنه حان الوقت مناسب”.
وتهدف مصر إلى خفض عجز الموازنة إلى 8.4% من إجمالي الناتج المحلي في العام المالي حتى يونيو 2019 من 9.89% في العام السابق. لكن ذلك سيعني أكثر من 20 مليار دولار من التمويل الجديد.
وتحقق سندات اليورو المصرية متوسطة الأجل واجبة السداد في فبراير 2023 نحو 6.29% في الوقت الحالي في السوق الثانوية.
استثمارات لم تتم وديون مستحقة
وقال معيط إن مصر كانت ستحصل على أربعة مليارات دولار من التمويل الأجنبي في ديسمبر منها ملياران من صندوق النقد الدولي.
وحصلت مصر على نصف مليار دولار من البنك العربي الافريقي الدولي وتتوقع الحصول على مبلغ مماثل من فرنسا وألمانيا.
كما يجب على حكومة رد أموال الأجانب الذين يخرجون من سوق الأوراق المالية المحلي، وكذلك الديون المتراكمة بالفعل.
ويجب على مصر تسديد نحو 24 مليار دولار من الالتزامات المستحقة خلال العامين المقبلين وفقا لبيانات البنك المركزي.
وبعد إلغاء 4 عطاءات متتالية خلال الشهر الماضي، طرحت وزارة المالية سندات خزانة لأجل 3 و7 سنوات في عطاء أمس بمتوسط فائدة على المزادين بلغت 18.43%.
وصعد متوسط العائد على السندات لأجل 3 سنوات إلى 18.432% من 18.178% فى الطرح الأخير، كما ارتفع متوسط الفائدة على السندات لأجل 7 سنوات إلى 18.431% من 18.202%.
وألغت المالية العطاءات السابقة البالغ قيمتها 13.5 مليار جنيه بسبب ما وصفته بالفوائد المبالغ فيها، وطرحت أمس سندات بقيمة 1.25 مليار جنيه بينما قبلت نحو 903.8 مليون جنيه فقط، بتغطية 4.4 مرة لأجل 3 سنوات و3 مرات لأجل 7 سنوات.
تثبيت الفائدة
وكان البنك المركزي ثبت الفائدة في اجتماع الخميس الماضي عند مستويات 16.75% للإيداع و17.75% للإقراض، بينما ساهمت المخاطر المحيطة بالأسواق الناشئة في استمرار ارتفاع العائد على أذون الخزانة في عطاءات الأسبوع الجاري لتقترب من 20%.
وتعتزم مصر إصدار سندات خزانة بقيمة 4.25 مليار جنيه خلال أكتوبر الجاري، مقابل 13.5 مليار جنيه كان من المقرر طرحها خلال سبتمبر الماضي قبل أن يتم رفضها.
وتستهدف مصر في موازنة العام المالي الحالي إصدار أذون خزانة بنحو 409.6 مليار جنيه، وسندات بقيمة 101.6 مليار جنيه.
تراجع البورصة
من ناحية أخرى، أنهت مؤشرات البورصة تداولات جلسة أمس الاثنين على تراجع بضغط مبيعات المستثمرين المصريين والعرب.
وهبط المؤشر الرئيسي EGX30 بنسبة 1.16% ليستقر عند مستوى 14446.72 نقطة، فاقدا 169.75 نقطة، كما انخفض مؤشر EGX70 للأسهم الصغيرة والمتوسطة بنسبة 2.08% عند مستوى 697.56 نقطة، وتراجع مؤشر EGX100 الأوسع نطاقا بنسبة 1.82%، عند مستوى 1777 نقطة.
واتجهت تعاملات المستثمرين الأجانب للشراء بصافي 90.8 مليون جنيه، فيما اتجه المصريون والعرب للبيع بصافي 19.2 مليون جنيه و71.6 مليون جنيه على الترتيب.
وأغلق رأس المال السوقي عند مستوى 796.6 مليار جنيه فاقدا 7.1 مليار جنيه.