قالت صحيفة «جيروزاليم بوست»، إن الولايات المتحدة تتعامل بازدواجية فيما يتعلق بالأسلحة النووية عبر العالم، موضحة، في مقال لـ«بينجي فيلاكس» الكاتب الإسرائيلي المهتم بشؤون الشرق الأوسط، أنها في الوقت الذي تسعى فيه إلى الحد من الأسلحة النووية عبر العالم، تظل صامتة وموافقة ضمنيا على برامج «إسرائيل» النووية، وحتى برامجها هي نفسها، والتي تمتلك منها ثاني أكبر مخزون في العالم بعد روسيا.
وأضاف المحلل، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنه رغم حفاظ «إسرائيل» على سياسة الغموض فيما يتعلق بحيازتها للأسلحة النووية، إلا أن الدولة اليهودية معروفة بامتلاكها ترسانة نووية كبيرة، أسسها ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل بمساعدة من فرنسا في خمسينيات القرن الماضي، وهو ما اعتبر على نطاق واسع تهديدا وجوديا لجيرانها العرب، ومنذ ذلك الحين ويتم تسريب معلومات من وقت لآخر عن حجم القدرات النووية لإسرائيل.
كما تمتلك الولايات المتحدة بدورها، ثاني أكبر مخزون من الأسلحة النووية بعد روسيا، في الوقت الذي تعمل فيه بجد على منع الانتشار النووي عبر العالم، ولتحقيق تلك الغاية، كان من المقرر للرئيس الأميركي دونالد ترامب عقد قمة قريبا مع الزعيم الكوري الشمالي كيم يونج، للنقاش حول برنامج الأسلحة النووية، إلا أن القمة ألغيت، بالإضافة إلى الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني مؤخرا.
وأكد الكاتب، أن الولايات المتحدة تتسم بازدواجية في المعايير، خاصة بسبب برامجها وموافقتها الضمنية على البرنامج النووي الإسرائيلي، ووفقا لـ«شانون كيلي» رئيس مشروع الأسلحة النووية في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإن «إسرائيل» دخلت ضمن ما يسمى نطاق أو حيز «النسيان القانوني بشأن الأسلحة النووية»، أو بمعنى آخر تتغاضى الولايات المتحدة عما تفعله فيما يتعلق بالقدرات العسكرية النووية.
وأضاف شانون، أن «إسرائيل» ليست أيضا طرفا في معاهدة منع الانتشار النووي التي وقعت عام 1968، ورغم ذلك تعتبر الولايات المتحدة أنها تمتلك الحق القانوني والأخلاقي في الضغط على إيران وكوريا الشمالية وغيرهما من الدول، بشأن برامجهم النووية.
وأكد رئيس مشروع الأسلحة النووية، أن كوريا الشمالية كانت من الدول الموقعة على الاتفاقية قبل أن تنسحب منها في عام 2003، بسبب ما وصفته العدوان الأميركي عليها، موضحا أن هناك نزاعا دوليا طويل الأمد حول البرامج النووية، ليس في كوريا فحسب بل العديد من دول العالم، مثل العراق وليبيا وحاليا السعودية وغيرها.
وكانت الدول الأعضاء في معاهدة منع الانتشار النووي، دعت إلى حظر الانتشار النووي، يُشار إلى أن مصر من بينها، وتسعى حاليا لتطوير قدراتها النووية لكن في المجالات السلمية بالتعاون مع روسيا، وهي أيضا من الدول الداعية إلى شرق أوسط دون أسلحة نووية، وهو المفهوم الذي تصاعد منذ عام 1995، لكن لا يبدو أن أيا من دول الشرق الأوسط على استعداد لتنفيذ تلك الدعوة، لا سيما «إسرائيل» وإيران.
ويعتقد كيلي، أن هناك حاجة لالتزام الدول النووية بالوفاء بالتزاماتها تجاه نزع أسلحتها النووية، باعتباره يعزز من المبدأ ضد انتشارها، موضحا أن الجميع التزم بالفعل، إلا أن الولايات المتحدة وروسيا وكوريا الشمالية وإيران و«إسرائيل» وغيرها ما زالت تتحدى الواقع.
أما الدكتورة «إميلي لامدو»، رئيسة برنامج الحد من الأسلحة والأمن الإقليمي في معهد دراسات الأمن القومي بتل أبيب، فأكدت أن «إسرائيل» لديها حاجة قوية لتطوير قدرتها النووية العسكرية؛ نظرا للمحاولات السابقة لتدمير الدولة اليهودية، إلى جانب التهديدات المستمرة من الدول المجاورة وإيران، موضحة أن «إسرائيل» تاريخيا واستراتيجيا لديها سجل من ضبط النفس والمسؤولية، كما أنها تملك الدافع لأن يكون لديها رادع نووي، موضحة أنها الدولة الوحيدة التي تتلقى تهديدات فعلية وجادة بمحوها من الوجود.
وطالبت لامدو المجتمع الدولي بأن يأخذ هذه الحقيقة في اعتباره، موضحة أن السياسة الدولية لا تتعلق بما هو عادل أو غير عادل، بقدر ما تتعلق بالمخاوف والتحديات التي تواجه أمن الدول، مضيفة: ليس من الصعب الاستنتاج بأن إسرائيل لا تشكل خطرا في المجال النووي العسكري، إلا إذا كانت التهديدات موجودة وعلى وشك التنفيذ بالفعل من دول أخرى.
أما الكولونيل «رافائيل عوفيك»، وهو محلل سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وعمل بمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فإنه يوافق على أن السياق الأساسي والذي يقارن «إسرائيل» بكوريا الشمالية أو إيران أمر غير مقبول على الإطلاق، موضحا أن «إسرائيل» لديها جيران يهددونها باستمرار، موضحا أن الردع النووي يوفر لها إمكانية البقاء دون خطر، فيما يحمي غموضها في هذا الملف برنامجها وحقها في البقاء على قيد الحياة.