علقت صحيفة “الجارديان” البريطانية، على عملية الابتزاز التي يواجهها الناخبون في مسرحية انتخابات قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي من قبل نظامه، بعدما أطلقت حكومة الانقلاب حملة شرسة، وسط مخاوف من أن تواجه الحملة التي استهدفت تحقيق “الهوس بالسيسي” قبيل انتخابات عام 2014 إلى عدم إقبال الناخبين في هذه المرة، في محاولة منها لزيادة توافد الناخبين على مراكز الاقتراع.
ويبدو أن نسبة إقبال الناخبين هي القضية الوحيدة التي تعد موضع تشكيك خلال هذه الانتخابات، بحسب ما ذكرته صحيفة “الجارديان” البريطانية.
شراء أصوات وضغوط
وذكر مواطنان من منطقتين مختلفتين بالقاهرة أنهما شهدا محاولات لشراء الأصوات. وروى مواطن ثالث، من حي آخر، كيف تمت ممارسة الضغوط على صاحب أحد المتاجر لتعليق لافتة لتأييد السيسي. وقد طلب جميعهم إخفاء هوياتهم لضمان عدم التعرض للأذى.
وتنتشر في جميع الأنحاء إعلانات المحطات الإذاعية والتلفزيونية التي تشجع الناخبين على الإدلاء بأصواتهم؛ وقد أصدر مفتى الجمهورية رسالة مرئية يناشد من خلالها المواطنين بأداء الدور المنوط بهم.
وأصدر مركز دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء مقطع فيديو يوضح قيام المواطنين بتبادل الرسائل النصية حول التصويت، بينما قامت إحدى القنوات التلفزيونية المملوكة لأحد رجال السياسة وصاحب إحدى شركات الأمن بإنتاج أغنية “شارك” التي يتم من خلالها مناشدة المستمعين “للمشاركة في كل خطوة تتخذها بلادك.. شارك! ولا تترك مصر لحظة واحدة”.
عمليات ابتزاز
من جهتها بدأت حكومة الانقلاب في تهديد المواطنين، بدفع غرامات كبيرة لكل من لم يدلوا بأصواتهم في المسرحية الانتخابية، بالتزامن مع التهديدات التي أطلقها عبد الفتاح السيسي منذ شهر حينما قال إنه سينشر أسماء كل من لم يدل بصوته في الانتخابات، على سبيل التهديد.
وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية، سعيد صادق: إن “الانتخابات التي تجرى في مصر والمحسومة مسبقا لها أهداف مثل التأكيد على شرعية النظام الانقلابي في الداخل وكسب شرعية دولية بما يمنحه استقرارا واستثمارات”، بحسب ما نقلت وكالة الأناضول التركية.
وأضاف: “ولهذا نرى التعبئة الإعلامية والسياسية نحو مشاركة واسعة لتجدد الثقة داخلياً وخارجياً في النظام الانقلابي؛ لأن قلة التصويت في اليوم الأول كما يرغب المناوئون للنظام تمس تلك الثقة والشرعية التي ستمنح من الانتخابات”.
وذكرت إحدى أهالي منطقة الهرم بالجيزة أن العائلات الثرية بالمنطقة عرضت على الأهالي 100 جنيه مصري مقابل الذهاب إلى مراكز الاقتراع للتصويت. وقالت “إنهم فقراء وسعداء بتلقي تلك المبالغ المالية”.
وذكر أحد أهالي منطقة عين شمس بالقاهرة أن صاحب أحد المتاجر الذي يبيع المنتجات التي تدعمها الحكومة قد أخبر الأهالي أنهم سيحصلون على مواد غذائية إضافية إذا ما أثبتوا له أنهم قد أدلوا بأصواتهم.
وقال: “كنت أجلس بأحد المقاهي وطلب منا المسؤول عن توزيع المواد الغذائية المدعومة أن نسلم بطاقات التموين. وقال إذا عدنا وأصابعنا ملونة بالحبر الأحمر [لإثبات عملية التصويت]، سوف نحصل على صندوق مخصصات تموينية أو نقاط إضافية للمخصصات التموينية للاستفادة منها في الشهر القادم”.
ويعد موسى مصطفى موسى هو المنافس الوحيد للسيسي في الانتخابات والذي كان قد أعلن أنه لم يترشح لمنافسة الرئيس والاعتراض عليه. وكان موسى قد شارك في الانتخابات في الدقيقة الأخيرة بعد أن تم منع 5 منافسين محتملين آخرين من ترشيح أنفسهم.
ويعد تحقيق معدل حضور كبير يمنح السيسي تفويضاً قوياً بمثابة تحدٍّ كبير. ففي عام 2014، بعد أن تولى السيسي السلطة في أعقاب الانقلاب العسكري، بلغ معدل الحضور 47.5%. ولتحقيق ذلك، قامت السلطات بتمديد عملية التصويت ليوم آخر وهددت بفرض غرامات على من يتخلف عن التصويت وألغت رسوم الانتقال بالقطارات لتشجيع الناس على التصويت. وفاز السيسي بنسبة 97% من الأصوات.
وعلى النقيض من منافسه، لم يعلن السيسي عن برنامجه الانتخابي الرسمي، بل طالب المصريين بالخروج والتصويت حيث أن ارتفاع نسبة المشاركة “يمثل دعماً للدولة ومشروعاتها”.
ورغم الجهود التي تبذلها حكومة الانقلاب، يشعر البعض أن التصويت مضيعة للوقت. وقالت سامية من أسيوط، والتي لم تذكر اسمها بالكامل لسلامتها: “الانتخابات قضية خاسرة. فقد صوتت لصالحه عام 2014 وكنت مقتنعة أنه سيكون مخلصاً للشعب وللمحرومين ولكنه ظل يقف في صف الأثرياء”.
وذكر ماركوس، وهو واحد من الأقلية المسيحية القبطية التي دائماً ما تدعم السيسي ، أنه لن يدلي بصوته أيضاً وقال: “النظام الحاكم اعتبر الشعب أمراً مفروغاً منه. لابد أن يكون ذلك استفتاءً وليس انتخابات. هكذا يكون الأمر منطقياً”.
وأضاف: “تحاول الحكومة التوسل إلى الناس كي يدلوا بأصواتهم. ويريد النظام أن يثبت لنفسه وللعالم أن الشعب لا يزال يؤيده. وهذه المنافسة على الشعبية هي أفضل ما يمكن القيام به”.
ويتزايد اهتمام العديد من المراقبين حالياً بأهداف السيسي خلال فترة رئاسته الثانية وسط مخاوف من أن يسعى إلى تعديل الدستور لإلغاء حدود الفترة الزمنية لتولي الرئاسة بعد انقلابه على الشرعية.