نشرت اليوم مجلة دير شبيجل الألمانية مقالا تناول مسرحية الانتخابات الرئاسية الهزلية في مصر بعنوان “سقوط مصر في هاوية الدكتاتورية”.. وإليكم ترجمة بعض مقتطفات المقال إلى اللغة العربية..
سقوط مصر في هاوية الديكتاتورية
لم يترك النظام في مصر مجالا للصدفة قبل الانتخابات الرئاسية فبمجرد ظهور أي مرشح ينافس الرئيس السيسي يتم إخراسه أو إيداعه السجن وبهذا فإن كل من يعلن منافسته للرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات المزمع إجراؤها في الفترة من 28-26 مارس المقبل يكون بإعلانه هذا قد وضع إحدى قدميه داخل السجن والأخرى خارجه وهذا ما حدث بالفعل خلال الأسابيع الماضية.
1- أحمد شفيق:
بعد إعلان رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق من محل إقامته في أبوظبي عن نيته الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية المصرية قام النظام في دولة الإمارات العربية المتحدة بترحيله إلى مصر، حيث تم احتجازه لمدة شهر في مكان غير معلوم ليخرج بعد ذلك بتصريح يعلن فيه أنه ليس الشخص المناسب لتولي الرئاسة في مصر.
2- أحمد قنصوة:
ضابط مهندس بالجيش المصري، حكم عليه مؤخرا بالسجن لمدة ست سنوات بتهمة التصريح عن نيته ممارسة العمل السياسي، رغم كونه ما زال ضابطا عاملا بالقوات المسلحة، وهو ما رد عليه قنصوة بأنه قد تقدم بطلب استقالة من عمله بالقوات المسلحة قبل عدة سنوات إلا أن طلبه قوبل بالرفض.
اللافت للنظر في حيثيات الحكم على قنصوة أن السيسي ذاته قد أعلن ترشحه للرئاسة عام 2014 في بيان مصور، مرتديا الزي العسكري وهو ما زال على ذمة القوات المسلحة المصرية، فلماذا يحاكم قنصوة على الفعل نفسه الآن؟!
3- سامي عنان:
مؤخرا طالت الإجراءات القمعية ضد كل من يعلن منافسة السيسي أحد أبرز رموز العسكرية المصرية، حيث أصدر المدعي العسكري قرارا باعتقال الجنرال سامي عنان لأنه أقدم على الإعلان عن ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية.. والجنرال سامي عنان ليس شخصية عادية فهو أحد قدامى المحاربين الذين شاركوا في حرب يوم الغفران ضد إسرائيل عام 1973، وهو صاحب تاريخ عسكري كبير، فقد كان قائدا لسلاح الدفاع الجوي قبل أن يتولى رئاسة أركان الجيش المصري ونائبا للمجلس العسكري الأعلى، والذي تولى إدارة شئون البلاد في مصر بعد تنحي الرئيس مبارك عام 2011.. وقد قام محمد مرسي وهو أول رئيس مصري منتخب والذي جاء من جماعة الإخوان المسلمين بإحالة الجنرال عنان إلى التقاعد في أغسطس 2012 وعين السيسي ذاته وزيرا للدفاع.
هذا وقد وجه الجنرال الذي بلغ السبعين عاما من عمره نقدا لاذعا وغير متوقع للمؤسسة العسكرية قائلا: “إن تحكم الجيش في الحياة الاقتصادية والسياسية قد أدى إلى التدهور الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد ووسع دائرة التهديدات الإرهابية وأنه سيسعى في حال توليه الرئاسة إلى تزكية القطاع المدني في الحكم. وطالب الجنرال عنان في بيانه مؤسسات الدولة والجيش بالحيادية تجاه كل المرشحين. في إشارة واضحة إلى عدم رضاه عن دور أجهزة الدولة والجيش في الانحياز للسيسي.
وبعد فترة قصيرة من إلقاء عنان لخطاب الترشح قام النظام بحملة تشويه متعمدة تجاهه من خلال أجهزة الإعلام الموالية للنظام حيث تم وصفه بالعمالة لصالح الولايات المتحدة وبالتقرب إلى جماعة الإخوان المحظورة.
ومن ناحية أخرى صرح السيسي نفسه بأنه لن يسمح لفاسد بالترشح للانتخابات الرئاسية في إشارة منه إلى الجنرال عنان دون أن يذكر اسمه صراحة .. وبعد ذلك مباشرة أعلن الجيش المصري في بيان أذيعت على تليفزيون الدولة الرسمي أن إعلان الجنرال عنان ترشحه للرئاسة هو مخالفة جسيمة ضد قوانين الخدمة العسكرية واتهم البيان رئيس الأركان السابق بالتحريض ضد الجيش بغرض إحداث وقيعة بينه وبين الشعب.. وبعد هذا البيان مباشرة بإصدار أمر باعتقال الجنرال عنان تمهيدا لمحاكمته عسكريا ومنع النشر في هذه القضية.