في الـ3 من سبتمبر 2016 نشر “نون بوست” تحقيقًا تحت عنوان “قنوات”دي إم سي”: تليفزيون المخابرات لتجميل نظام السيسي” كشف من خلاله الدوافع الحقيقية وراء تدشين هذه النافذة الإعلامية في هذا التوقيت رغم من اكتظاظ الساحة بمئات من الوسائل والمنصات المختلفة التابعة للدولة، المقروءة منها والمرئية، مرجعًا ملكيتها إلى الأجهزة الاستخباراتية حتى إن كانت ظاهريًا ملكية خاصة.
البعض شكك وقتها في حقيقة ملكيتها الاستخباراتية متسائلاً عن الهدف من ذلك في الوقت الذي يملك فيه النظام آلته الإعلامية متعددة الاتجاهات، والتي تنفذ له ما يريد في أي وقت دون معارضة أو تحفظ، إذًا ليس هناك ما يبرر إنشاء قنوات جديدة.
وبعد 13 شهرًا من نشر هذا التحقيق تم كشف النقاب عن دراسة قدمتها أحد الأجهزة السيادية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في صيف 2014 عن ضرورة التحكم في المشهد الإعلامي بصورة كاملة، من خلال وضع عدد من الاستراتيجيات المختلفة على رأسها إطلاق مجموعة قنوات فضائية تقدم محتوى إعلامي متوازن يشرح وجهة نظر الدولة ويستطيع الوصول إلى قطاعات الجمهور المختلفة.
الدراسة التي نشرها موقع “الرئيس” الإلكتروني المختص بأخبار مؤسسة الرئاسة، وإن لم تضف جديدًا، إلا أنها تطرقت إلى مساعي أجهزة الدولة لتأميم المؤسسات الإعلامية والسباق المحموم بين مؤسساتها السيادية للاستحواذ على النصيب الأكبر من ملكية الإعلام الخاص.
القوات المسلحة في كل دول العالم هي ركيزة الأمن القومي، وفى كل الدول توجد خطوط حمراء حول هذا الكيان لحمايته من الإعلام
الإعلام ما بعد ثورة يناير
نقلة نوعية شهدتها المنظومة الإعلامية في أعقاب ثورة الـ25 من يناير 2011، رأسيًا من خلال زيادة سقف الحريات واتساع أفق التعبير دون قيود أو ضوابط، وأفقيًا عبر إنشاء المئات من المنصات والنوافذ الإعلامية في ظل تدفق رأس المال في واحدة من أنجح الاستثمارات التي أثبتت نجاحها حينها.
هذا التطور الذي ظلل سماء الإعلام شكلاً ومضمونًا أثار حفيظة الجهات السيادية للدولة المصرية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية، إلا أنه لم يكن بمقدورها حينها أن تتدخل لتضييق الخناق على المشهد وإلا سيقابل ذلك بردة فعل سلبية في وقت كانت تسعى فيه لتقديم نفسها الداعم للثورة وتبعاتها من حريات سياسية وإعلامية.
ورغم حرص المؤسسة العسكرية على عدم الصدام مع الشارع المنتشي بثمار الثورة وما سمحت به من حريات شتى، فقد فشل في إخفاء ما يكنه في الداخل تجاه هذا الملف على وجه الخصوص، وما يخطط له من أجل تقليص تلك المساحة وفرض الهيمنة على الإعلام من خلال أساليب جديدة وغير تقليدية.
في أكتوبر 2013 بثت شبكة “رصد” مقطعًا مرئيًا لندوة شارك فيها وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي، وبعض ضباط القوات المسلحة، تحدث خلالها عن المشهد الإعلامي وتعامل المؤسسة العسكرية معه، قائلاً “لازم نعرف إننا كنا مهمومين بالأمر من أول يوم تولى المجلس العسكري المسؤولية وذقنا النار، لكي نصنع أذرعًا على مستوى الدولة، وهذا يأخذ وقتًا وجهدًا طويلاً، ليس فقط أن تشكل فريق عمل، لكي تصل إلى أن تكون لك حصة مناسبة في التأثير إعلاميًا، نحن نعمل على هذا ونحقق نتائج أفضل”.
الأيام كشفت بعد ذلك أنها لم تكن محض صدفة، ولا تحركات عشوائية، بل جاءت في إطار خطة ممنهجة لإحكام القبضة الكاملة على المنظومة الإعلامية بما يخدم أهداف النظام الجديد
وفي مداخلة لأحد الضباط المشاركين في الندوة عبر عن استنكاره لطريقة تناول الإعلام لأخبار القوات المسلحة وتجاوزه للخطوط الحمراء التي كانت موضوعة قبل ذلك، مطالبًا بضرورة إعادة السيطرة علي هذه الوسائل مرة أخرى، مشيرًا أن “القوات المسلحة في كل دول العالم هي ركيزة الأمن القومي، وفي كل الدول توجد خطوط حمراء حول هذا الكيان لحمايته من الإعلام، ونحن تمتعنا طوال الـ50 سنة الماضية بهذه الحماية وكانت الأمور مستقرة، ثم حدثت الثورة، ونتيجة للانفلات الذي حصل، للأسف، تاهت الخطوط عندنا، والناس تطاولت والإعلام تجرأ علينا، بشكل غير عادي، بدعوى انخراطنا في العمل السياسي”، وتابع “نحن الآن خرجنا من العمل السياسي، وعدنا إلى ثكناتنا مرة أخرى، ونحتاج إلى إعادة الخطوط الحمراء مرة أخرى، نحتاج إلى أسلوب آخر للتعامل مع الإعلام الذي يتحكم فيه 20 أو 25 فردًا على الأكثر، إما بالترغيب أو الترهيب”.
وهنا قاطعه السيسي بقوله: “أنا عارف الترغيب، لكن قولي الترهيب ده أعمله إزاي؟”، فأجاب الضابط: “ناس كثيرة يهمها أن يتعاونوا مع القوات المسلحة أو أن تكون لهم علاقة بها، وإظهار الكارت الأحمر لهؤلاء سيجعلهم يضعون نوعًا من الرقابة الذاتية أو وضع خط معين يسيرون عليه، لابد من التحاور معهم ولو استطعنا استقطاب 20% منهم، يكون ذلك جيدًا، مليون بوستر في الشارع مكتوب عليها “الجيش والشعب إيد واحدة” لا توصل الرسالة التي يوصلها مانشيت جرنال أو برنامج”، ومن هنا بدأت ملامح الخطة.
كيف تعامل السيسي مع الإعلام؟
مع تولي السيسي مقاليد الأمور في 2014 بدأ النظام يكشر عن أنيابه الحقيقية كاشفًا نواياه تجاه إعلام الثورة ومساحة الحرية التي يلعب فيها، وهو ما تجسد في أكثر من موقف لعل أبرزها مقولته الشهيرة خلال مشاركته في أحد المؤتمرات في سبتمبر 2016 حين قال: “يا بخت الزعيم عبد الناصر بإعلامه” والتي أماطت اللثام عن رؤيته لمستقبل الإعلام ومخطط تأميمه مرة والعودة لإعلام الستينيات مرة أخرى.
وبعد أيام قليلة من إحكام السيطرة سارعت السلطات إلى غلق عشرات القنوات الفضائية بدعوى إثارتها للفتنة والتطرف، فضلاً عن حجب بعض الصحف عن الصدور ومنع العديد من المقالات وغير ذلك من الأدوات التي أصابت مساحة الحرية الإعلامية المكتسبة من الثورة في مقتل بصورة كبيرة.
البعض تخيل حينها أن تلك التحركات جاءت ردة فعل تجاه رسالة إعلامية ما بثتها تلك المنصات فأثارت حفيظة النظام، إلا أن الأيام كشفت بعد ذلك أنها لم تكن محض صدفة، ولا تحركات عشوائية، بل جاءت في إطار خطة ممنهجة لإحكام القبضة الكاملة على المنظومة الإعلامية بما يخدم أهداف النظام الجديد.
رغم حرص المؤسسة العسكرية على عدم الصدام مع الشارع المنتشي بثمار الثورة وما سمحت به من حريات شتى، فإنه فشل في إخفاء ما يكنه في الداخل تجاه هذا الملف
ورغم امتلاك الدولة منظومة هائلة من وسائل الإعلام، من صحف قومية ذات إمكانيات هائلة، فضلاً عن عشرات القنوات التليفزيونية داخل ماسبيرو، إلا أنها سعت إلى تدشين كيانات خاصة بها، وهذا يرجع لعاملين: مدى ما تعانيه هذه الوسائل من ترهل وتضخم وتراجع في مستوى المضمون المقدم في ظل كوادر بشرية غير مؤهلة وغياب التخطيط الجيد، الثاني: فقدانها لجزء كبير من مصداقيتها كونها المتحدث باسم النظام، ومن ثم كان لاةبد من البحث عن وسائل أخرى تكون في الظاهر مملوكة لجهات خاصة وإن كانت في الباطن خاضعة لأجهزة الدولة السيادية، فضلاً عن تجديد الوجوه الإعلامية بعيدًا عن الوجوه القديمة المرفوضة شعبيًا والتي كانت تدعم الأنظمة السابقة، فيما أسمته الدراسة “تجديد النخبة”.
إقرأ أيضا: الفاو تضم مصر إلى قائمة الدول الجائع شعبها
السيسي خلال لقائه ببعض الإعلاميين
أدوات السيطرة على الإعلام
تلخصت أدوات النظام الحالي في إحكام الهيمنة شبه الكاملة على المشهد الإعلامي بعد الثورة في خمسة محاور ترتبط فيما بينها بصورة متكاملة، لتصل في نهاية المطاف إلى ما يسمى بـ”عسكرة” المنظومة الإعلامية برمتها.
أولاً: غلق النوافذ المعارضة
استهل نظام ما بعد انقلاب الـ3 من يوليو مهامه بغلق ما يقرب من 14 قناة فضائية دينية كان يرى أنها تدعم التيارات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين على وجه الخصوص، ومنع عشرات الدعاة من الخطابة ووقف تراخيص المشاهير منهم ذوي التأثير في الشارع.
ثم أعقبه غلق لبعض البرامج المعارضة التي باتت وفق رؤية السيسي تمثل خطرًا على النظام واستقراره، على رأسها برنامج “البرنامج” الذي كان يقدمه الإعلامي باسم يوسف، عبر قناة “mbc”، كذلك برنامج “جمع مؤنث سالم”، الذي كانت تقدمه الإعلامية ريم ماجد عبر قناة “أون تي في”، ثم برنامج “آخر كلام”، الذي كان يقدمها الإعلامي يسري فودة، عبر نفس الفضائية.
كذلك التخلص من عدد من الإعلاميين ممن كانوا بالأمس أبرز المؤيدين لهذا النظام، على رأسهم محمود سعد، إبراهيم عيسى، ليليان داود، عمرو الليثي، إذ بات من الواضح أن السلطات الحالية لا تقبل بأنصاف الولاء، فإما الولاء الكامل أو الاستهداف.
“أنا عارف الترغيب، لكن قولي الترهيب ده أعمله إزاي؟”
ثانيًا: حجب المواقع
لم تجن سياسة غلق بعض البرامج أو القنوات الإعلامية ثمارها بالشكل الكامل، فكان البحث عن استراتيجية أخرى لدعم الأولى، ومن هنا كان قرار حجب عشرات المواقع دون أسباب، وبحسب بعض الوسائل فهو قرار من جهة سيادية غير معروف مصدره حتى كتابة هذه السطور.
مؤسسة حرية الفكر والتعبير رصدت خلال الفترة من 24 من مايو – 1 من أكتوبر 2017 حجب ما يقرب من 434 موقعا إلكترونيًا، في خطوة غير مسبوقة، وهو ما أثار حفيظة المنظمات الحقوقية الدولية التي اعتبرته انتهاكًا وخرقًا واضحًا لمواثيق حريات التعبير والإعلام والحق في المعرفة.
إقرأ أيضا: القاهرة أكثر العواصم خطراً على النساء في العالم وهذه هي الأكثر أمناً
قناة دي إم سي.. تليفزيون المخابرات لتجميل وجه نظام السيسي
ثالثًا: تأسيس كيانات إعلامية تابعة لجهات سيادية
اكتشف النظام أنه لا بد من خلق كيانات إعلامية موازية قادرة على المنافسة وسحب بساط الجماهيرية من تحت أقدام الكيانات الأخرى، لذا كان إنشاء كيانات تابعة لجهات سيادية حتى وإن كانت ملكيتها الظاهرية للقطاع الخاص، ومن هنا كان إنشاء مجموعة قنوات “DMC” كما تم ذكره سابقًا، ومن أبرز الكيانات التي أنشأها النظام:
1-مؤسسة “إعلام المصريين”.. يملكها رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، والتي استطاعت في وقت قصير أن تسيطر على الجزء الأكبر من المشهد الإعلامي، حيث تمتلك قنوات “أون تي في”، و50% من أسهم شركة مصر للسينما المملوكة لرجل الأعمال كامل أبو على، و51% من مجموعة برزنتيشن المتخصصة في الدعاية والإعلان.
هذا بخلاف مواقع وصحف “اليوم السابع” و”عين” و”صوت الأمة” و”دوت مصر”، فضلا عن مجلتي “بيزنس توادي” و”إيجيبت توداي” اللتين تصدران باللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى شركات التسويق والإعلان، ومنها شركة “إيجيبشن آوت دور للتصميمات” و”إيجيبشن ميديا أكاديمي” و POD”للخدمات الإعلامية”.
مؤسسة حرية الفكر والتعبير رصدت خلال الفترة من 24 من مايو – 1 من أكتوبر 2017 حجب ما يقرب من 434 موقعًا إلكترونيًا
2-مؤسسة “دي ميديا”.. يملكها رجل الأعمال طارق إسماعيل، صاحبة الجزء الأكبر من ملكية قنوات “DMC”، وتخضع وفق تأكيدات البعض إلى إشراف كامل لأجهزة سيادية استخباراتية، وفي ديسمبر 2016 تم إعلان دمجها مع مؤسسة “إعلام المصريين” لإنشاء كيان إعلامي واحد لقيادة المشهد خلال الفترة القادمة.
3-شركة “المتحدة للإعلام”.. يملكها رجل الأعمال المقرب من الرئاسة محمد الأمين، صاحب مجموعة قنوات “cbc” و”النهار”، التي كانت أحد أبرز الأذرع الإعلامية التي ساهمت في التمهيد لانقلاب الـ3 من يوليو.
4-شركة “فالكون”.. يرأس مجلس إدارة الشركة اللواء خالد شريف الوكيل السابق لجهاز المخابرات الحربية ورئيس قطاع الأمن الأسبق في اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وتمتلك ما يقرب من 14 فرعًا بشتى محافظات مصر، ويبلغ عدد العاملين بها قرابة 22 ألف موظف يتم تدريبهم على أعلى المستويات.
في أغسطس الماضي نجحت “فالكون” في إتمام صفقة شرائها لمجموعة قنوات “الحياة” المملوكة لرجل الأعمال ورئيس حزب الوفد، سيد البدوي، ورغم أنها كانت مفاجأة للجميع، فإن الكثيرين تفهموا هذه الخطوة كونها تأتي في إطار مخطط إحكام السيطرة على المنظومة الإعلامية برمتها وهو ما كشفته الدراسة التي تم إعلانها مؤخرًا.
رجل الأعمال أبو هشيمة أحد أبرز الأذرع الإعلامية لنظام السيسي
رابعًا: قوانين لتضييق الخناق
أحد أبرز الاستراتيجيات التي اتبعها النظام الحالي للهيمنة على منظومة الإعلام كانت عن طريق إرهاب العاملين في مجال الإعلام وتضييق الخناق عليهم عبر حزمة من القوانين التي صدرت خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، أبرزها:
قانون الإرهاب.. والذي جاء في مادته (33): “يعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين، كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عملية إرهابية، بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة في هذا الشأن”، ورغم مخالفة هذه المادة للدستور، فإنها دخلت حيز التنفيذ مبكرًا لتصبح مقصلة لكل من يغرد خارج السرب.
قانون الإعلام المُوحًّد.. والذي أعطى لرئيس الجمهورية الحق في تعيين ما يقرب من ربع أعضاء الهيئات الثلاثة التي تم تشكيلها لإدارة وسائل الإعلام، بخلاف بقية ممثلي الحكومة والسلطة التنفيذية، ورغم اعتراض نقابة الصحفيين على هذا القانون، فإن أحدًا لم يعر ذلك أي اهتمام، مما جعل سلطة تعيين القائمين على أمور الإعلام في يد السيسي وحده ومن خلالهم يمكنه التخلص من المعارضين له في هذا المضمار.
قانون الكيانات الإرهابية.. وهو القانون القديم الذي تم استحداثه مؤخرًا والذي يتيح للسلطات وضع ما تريد من أشخاص على قوائم الإرهاب والتحفظ على أموالهم، بما فيهم الصحفيين والإعلاميين، دون حضور جلسات للدفاع أو الطعن، الأمر الذي يعني حرمانهم من حقهم في الدفاع عن أنفسهم.
خامسًا: خلق جيل من الإعلاميين الموالين
بعد غلق النوافذ المعارضة وحجب المواقع وإنشاء كيانات إعلامية تابعة للجهات السيادية بات من المنطقي أن يتم تجنيد العاملين في المؤسسات الإعلامية الحالية كافة لخدمة أهداف النظام والعزف عليها، اختياريًا كان أو إجباريًا، سواء الموجودة بالفعل والمتبقية من مخطط الاستئصال والاستهداف، أو المنشأة حديثًا.
اكتشف النظام أنه لا بد من خلق كيانات إعلامية موازية قادرة على المنافسة وسحب بساط الجماهيرية من تحت أقدام الكيانات الأخرى، لذا كان إنشاء كيانات تابعة لجهات سيادية حتى إن كانت ملكيتها الظاهرية للقطاع الخاص
ويمكن الوقوف على بعض ملامح تلك الاستراتيجية من خلال موقفين داخل صحيفة “اليوم السابع” المملوكة لرجل الأعمال أبو هشيمة، الأول في أغسطس الماضي حين تعرض عدد من صحفيي الجريدة للفصل التعسفي بسبب إبدائهم لآرائهم بشأن مصرية جزيرتي تيران وصنافير على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” وحين واجه الصحفيون الثلاث المفصولون (عبد الرحمن مقلد ومدحت صفوت وماهر عبد الواحد) رئيس تحرير الموقع خالد صلاح، أخبرهم بحسب – شهادتهم – أن عبد الفتاح السيسي هو المالك الجديد للصحيفة وهو لا يرغب في استمرارهم في العمل بسبب مواقفهم السياسية، بدعوى أن المرحلة المقبلة لا تحتمل آراء مختلفة عن رأي الدولة.
أما الموقف الثاني فكان خلال اليومين الماضيين حيث ترددت بعض الأنباء التي تشير إلى إجبار إدارة الصحيفة لمحرريها على التوقيع على استمارة حملة “عشان تبنيها” بجانب بقية المؤسسات الإعلامية المملوكة لأبو هشيمة، والتي تهدف إلى المطالبة بتجديد ترشيح السيسي لفترة رئاسية جديدة، وفي حال امتناع أي منهم عن التوقيع سيواجه مصير زملائه الثلاث السابقين.
وهكذا يتضح أن مخطط تأميم الإعلام المصري لم يكن عشوائيًا ولم يكن ردًا على تجاوزات بعض الإعلاميين كما حاول السيسي أن يلمح في بعض لقاءاته، “ميصحش كده، المرة الجاية هشتكيكم للشعب”.