الرئيسية / الاخبار / أخبار عامه / قيادة المرأة للسيارات بالسعودية.. حين يصبح الحرام حلالا

قيادة المرأة للسيارات بالسعودية.. حين يصبح الحرام حلالا

لم يكن أكثر إثارة من قرار السعودية السماح للمرأة بقيادة السيارات، من ترحيب علماء وهيئات شرعية بقرار أفتوا لعشرات السنين بحرمته، الأمر الذي يدفع للتساؤل: ما الذي تغيّر؛ هل هي الشريعة الإسلامية أم المرأة السعودية، حتى يُغيّر هؤلاء فتاواهم؟
ومثلما استند رفض السلطات السعودية السماح للمرأة بقيادة السيارات إلى فتاوى شرعية، فإن السماح لهن بالقيادة تطلب أن يرفق الملك سلمان بن عبد العزيز بقراره حكما شرعيا مناقضا لما أفتى به مشايخ السعودية على مدى سنوات طويلة.
وقال في الأمر الملكي إن “الحكم الشرعي في ذلك هو من حيث الأصل الإباحة، وإن مرئيات من تحفّظ عليه سابقا تنصب على اعتبارات تتعلق بسد الذرائع المحتملة التي لا تصل ليقين ولا غلبة ظن”.
وتابع أن “هيئة كبار العلماء لا يرون مانعا من السماح لها بقيادة المركبة، في ظل إيجاد الضمانات الشرعية والنظامية اللازمة”.

حلال حلال
وبالفعل سارعت هيئة كبار العلماء -وهي أعلى سلطة دينية في السعودية- بنشر تغريدة مؤيدة لقرار الملك السعودي، قالت فيها: “حفظ الله #خادم_الحرمين_الشريفين الذي يتوخى مصلحة بلاده وشعبه في ضوء ما تقرره #الشريعة_الإسلامية”.
وكتب الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السابق والمستشار السابق للملك سلمان: “صدر أمر سام بالسماح للمرأة بقيادة المركبة، وهذا يساعد على الاستغناء عن السائق الأجنبي وما فيه من محاذير وسلبيات، ولا يوجد ما يمنع ذلك شرعا”.
أما الداعية خالد المصلح فكتب: “قرار خادم الحرمين الشريفين بشأن السماح بقيادة المرأة يلبي حاجة شريحة واسعة في المجتمع.. فأسال الله تعالى أن يجعله نافعا للعباد والبلاد”.
أما عضو هيئة كبار العلماء والمستشار في الديوان الملكي الشيخ عبد الله المنيع فرأى أن “الأصل في قيادة المرأة للسيارة الإباحة، لانتفاء النص الشرعي المانع لها”.
واتفق معه عضو الهيئة والمستشار في الديوان الملكي أيضا الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد المطلق وقال إن “الأمر السامي بالسماح بقيادة المرأة للسيارة هو من الأمور المباحة”. وأضاف المطلق -وفق وكالة الأنباء السعودية- “كانت المرأة تركب البعير، وتسافر، ونحن الآن نرى في الأرياف والبادية النساء يقدن السيارة، ولا أحد يقول إن قيادة المرأة للسيارة في الصحراء وفي الأرياف لا تجوز”.
كما قال عضو الهيئة الشيخ عبد الله بن عبد المحسن التركي إن قرار المملكة لا يتعارض مع القرآن والسنة، حيث إنه وفق الضوابط الشرعية. وأكد الشيخ التركي أن “القيادة حريصة على الخير وتنمية المجتمع مع صيانة الدين الإسلامي الذي هو دستورها. وقد أثبتت الدراسات الاجتماعية عدم الضرر في السماح للمرأة بالقيادة. وهذا القرار فيه خير كثير، وسوف يعالج سلبيات كثيرة كما بينت الدراسات”.
أما مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء الدكتور سليمان بن عبد الله أبا الخيل فأكد أن الأمر الملكي الذي صدر فيما يخص إصدار رخص القيادة للرجال والنساء على حد سواء، “قرار حكيم وصائب وموفق وإيجابي، جاء في وقته”.
وكتب حساب الجامعة الإسلامية على تويتر: “مدير الجامعة الإسلامية يشيد بالأمر السامي الكريم باعتماد تطبيق أحكام نظام المرور، بما فيه إصدار رخص القيادة للذكور والإناث على حد سواء”.
وسبق أن دعا رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي الرياض عام 2011 إلى تمكين المرأة من قيادة السيارات، كما دعا عدد من مشايخ ما يُطلق عليه “تيار الصحوة” بالسعودية إلى الأمر ذاته، لكن طلبهم لم يجد قبولا لدى السلطات آنذاك.


حرام.. حرام

وكان اللافت أن هيئة كبار العلماء التي استشهد بها الملك سلمان في قراره وسارعت بالترحيب به، كانت قد أصدرت عام 1990 فتوى تعتبر قيادة المرأة للسيارة أمرا مخالفا للشريعة الإسلامية.
وقبل شهور معدودة، أفتى مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ بأن “قيادة السيارة قد تفتح عليها أبواب الشر، ولا تنضبط أمورها، فالواجب المطلوب منا ألا نقر هذا الأمر لأن هذا أمر خطير يعرّضها للشرور؛ ولا سيّما من ضعفاء البصائر الذين يتعلقون بالنساء، وربما سبب خروجها وحدها وذهابها إلى كل مكان من غير علم أهلها بها شرور كثيرة”.
عضو آخر في الهيئة وهو الشيخ محمد بن صالح العثيمين، اعتبر في تصريح سابق “أن قيادة المرأة للسيارة تجرّ مفاسد كثيرة، منها نزع الحجاب، وتكون محط أنظار للرجال”.
ونحا المستشار القضائي صالح بن سعد اللحيدان نحو ذلك، قائلا: “المرأة حينما تركب السيارة وهي تقود سينشغل منها الذهن والفكر والعقل، وحينما تجلس طويلا فإن الحوض يرتد وتضغط على المبايض..”.
وفي تصريحات سابقة لعضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبد الله المنيع، قال “إن منع المرأة من قيادة السيارة تكريم من الدولة لها، وحفاظ على عفتها وأنوثتها”.
وكذلك قال عضو الهيئة صالح بن فوزان في إحدى فتاواه تحت عنوان “مفاسد قيادة المرأة للسيارة”، إن “قيادة المرأة للسيارة فيها محاذير، النظر إلى مصلحة جزئية، ففيها محاذير كثيرة، ولا ينظر إلى جزئية وتترك بقية الأضرار، درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، هذه قاعدة شرعية”.
ولم يقتصر الأمر سابقا على الهيئات والمشايخ الرافضين لقيادة المرأة السعودية للسيارات، بل إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عندما سُئل عن ذلك في أبريل/نيسان 2016 -وكان حينها وليا لولي العهد- قال إن “المجتمع السعودي غير مقتنع حتى الآن بقيادة المرأة للسيارات، ويعتقد أن لها تبعات سلبية جدا”، مضيفا أن هذه المسألة لها علاقة برغبة المجتمع السعودي “ولا نستطيع أن نفرض عليه شيئا”.
وواجهت السعودية انتقادات واسعة لكونها البلد الوحيد في العالم الذي يمنع المرأة من القيادة.
وعلى مدى أكثر من 25 عاما قامت ناشطات بحملات من أجل السماح للمرأة بالقيادة وشمل ذلك تحدي الحظر بالقيادة في الشوارع وتقديم التماسات للملك ونشر تسجيلات مصورة لأنفسهن على وسائل التواصل الاجتماعي وهن يقدن سيارات. وتعرضن بسبب تلك الاحتجاجات للاحتجاز وواجهن مضايقات.

شاهد أيضاً

الأمم المتحدة: الوضع في ليبيا غامض وقلقون بشأن المدنيين المحاصرين بمحيط طرابلس

أعربت الأمم المتحدة عن قلقها تجاه المدنيين المحاصرين في مناطق الاشتباكات بمحيط العاصمة الليبية طرابلس، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *