الرئيسية / المقالات / المعونة الأمريكية مستمرة بقلم: سليم عزوز
سليم عزوز

المعونة الأمريكية مستمرة بقلم: سليم عزوز

بالسنوات العشر الماضية ظلت المعونات الأجنبية غير العسكرية لمصر تدور حول المليار دولار ، وهو جعل مكانها متأخرا بين موارد ميزان المدفوعات ، فى ضوء تصدر موارد الصادرات السلعية وتحويلات المصريين بالخارج والسياحة والاستثمار الأجنبى وقناة السويس ، حتى أنها تراجعت الى 219 مليون دولار فقط عام 2010 قبيل الثورة المصرية .
ومع التأثير السلبى لثورة يناير 2011 على إيرادات السياحة والتصدير والإستثمار الأجنبى المباشر ، كان لابد من زيادة الإعتماد على المعونات الأجنبية لتعويض نقص الموارد من العملات الأجنبية ، فزاد تدفقها الى 1ر1 مليار دولار بعام الثورة ، والى 739 مليون دولار بالعام التالى .
ومع إنقلاب يوليو 2013 وتأثر موارد السياحة والصادرات السلعية والإستثمار الأجنبى المباشر بالإنخفاض ، الى جانب نقص تحويلات المصريين بالخارج ، كان لابد من سرعة الإعتماد على المعونات لضخ موارد سريعة تكفل الإستمرار فى استيراد المواد الغذائية الأساسية والمنتجات البترولية ، للحفاظ على صورة الإنقلاب بين المصريين وضمان إستمراره .
لتشهد المعونات طفرة غير مسبوقة تاريخيا ببلوغها 4ر6 مليار دولار عام 2013 كان معظمها عقب الإنقلاب ، ثم تزيد الى 3ر8 مليار دولار فى العام التالى ، كان معظمها من ثلاث دول هى : السعودية والإمارت والكويت .
                             33 مليار دولار من الخليج
وبالسنوات المالية الثلاث التالية للإنقلاب بلغت المعونات من كل دول العالم 9ر14 مليار دولار ، كانت نسبة 5ر95 % منها من دول الخليج الثلاثة ، السعودية بنسبة 54 % والإمارات 31 % والكويت 11 % ، وهذا بالطبع بخلاف القروض والودائع التى قدمتها الدول الثلاث للإنقلاب ، والتى بلغت 9ر18 مليار دولار خلال ثلاث سنوات ونصف من عمر الإنقلاب .
أى أن الدول الثلاثة ضخت لشرايين الإنقلاب الإقتصادية  2ر14 مليار دولار كمعونات ، بخلاف 9ر18 مليار كقروض وودائع بإجمالى 2ر33 مليار دولار ، أما دور البحرين فكان هامشيا حيث بلغت المعونات التى قدمتها بالسنوات الثلاث ، عشرة ملايين دولار فقط وقروضها 244 مليون دولار .
وكانت المعونات الخليجية قد تراجعت من 7ر11 مليار دولار بالسنة الأولى للإنقلاب ، الى 5ر2 مليار بالسنة الثانية من عمره ، والتى تركزت بالنصف الأول منه حيث أدى تراجع أسعار البترول بالنصف الثانى من 2014 ، لتدنى قيمة المعونات الخليجية للإنقلاب منذ بداية عام 2015 وحتى الآن ، وتحول شكل المساعدة الى الودائع والقروض ، والنتيجة بلوغ قيمة المعونات من الدول الثلاثة بالسنة الثالثة للإنقلاب 21 مليون دولار فقط .
أما بالسنة الرابعة للإنقلاب فلم تظهر بعد سوى بيانات تسعة شهور منها ، بلغت المعونات من كل دول العالم خلالها 5ر82 مليون دولار فقط ، بما يؤكد تدنى المعونات من الدول الخليجية عموما ، وكذلك فشل وزيرة التعاون الدولى فى التغلب على مشكلة نقص المعونات ، بفترة ما بعد عام ونصف من عمر الإنقلاب وحتى الآن .
                         معونات هزيلة  من غالبية الدول
وإذا كانت الدول الخليجية الثلاثة السعودية والإمارات والكويت قد قدمت 5ر95 % من مجمل المعونات ، التى حصل عليها الإنقلاب خلال ثلاث سنوات من عمره ، فماهو نصيب باقى دول العالم ؟ حيث جاءت الولايات المتحدة بالمركز الرابع بنصيب 416 مليون دولار خلال ثلاث سنوات  بنسبة تقل عن 3 % من الإجمالى .
 وقطر بالمركز الخامس بنصيب 127 مليون دولار ، وهى تمثل شحنات غاز مسال كانت متجهة لمصر خلال الأسابيع الأولى للإنقلاب ، ثم ألمانيا 54 مليون دولار وانجلترا 13 مليون وإيطاليا 11 مليون ، وسويسرا 10 مليون وبلجيكا أقل من 7 مليون ، وفرنسا أقل من خمسة ملايين دولار والصين أقل من أربعة ملايين دولار خلال ثلاث سنوات لكل منها .
وهو ما يبين دلالة إلغاء 96 مليون دولار وتجميد حصول الإنقلاب على 195 مليون دولار من المعونة الأمريكية ، بالنظر الى الإجمالى الكلى للمعونات من كل دول العالم والتى بلغت 5ر101 مليون بالعام الثالث للإنقلاب  ، و5ر82 مليون دولار خلال تسعة أشهر من العام الرابع للإنقلاب ، بالإضافة لدلالتها السياسية عالميا مع الإعلان أن السبب يرتبط بحقوق الإنسان والتضييق على الجمعيات الأهلية .
وقبل ثورة يناير 2011 ظلت المعونات الأمريكية غير العسكرية تمثل الجانب الأكبر من المعونات التى تحصل عليها مصر من دول العالم ، ففى العام المالى 2004/2005 كان نصيبها النسبى 75% وبالعام التالى 63% ، وفى 2006/2007 بلغ النصيب  83% وبالعام التالى 87% ، وبالعام المالى  2008/2009 كان 90 % من الإجمالى ، وبالعام المالى الأخير لمبارك 62 %  .
                            تراجع قيمة المعونة الأمريكية
ومع ثورة يناير تراجع النصيب النسبى للمعونة الأمريكية من مجمل المعونات لسبيين ، أولهما تراجع قيمة تلك المعونات والتى كانت قد بلغت 904 مليون عام 2007/2008 ، لتصل الى 647 مليون بالعام المالى الأخير لمبارك ، ثم الى
211 مليون بالعام المالى الأول للمجلس العسكرى ، ثم الى 140 مليون دولار بالعام المالى الثانى للمجلس العسكرى .
ورغم زيادتها بعام تولى الرئيس مرسى الى 325 مليون دولار ، إلا أنها عادت للتراجع بالعام الأول للإنقلاب الى 124 مليون دولار ،  ثم ارتفعت الى 191 مليون بالعام الثانى له ، لكنها عادت للإنخفاض الى 91 مليون دولار بالعام الثالث للإنقلاب ، ورغم ذلك الانقلاب فقد شكلت نسبة 57 % من إجمالى المعونات بعد انتهاء هوجة المعونات الخليجية  .
ولا يصدق الكثيرين دعوى إنتهاك الإنقلاب لحقوق الإنسان كمبرر لإلغاء وتجميد جانب من المعونة الأمريكية ، فلولا التواطىء الأمريكى والغربى ما نجح الإنقلاب أصلا ، ولو كانت الولايات المتحدة تستهدف منع المعونات عن الإنقلاب ، ما استطاعت الدول الخليجية الثلاثة تقديم دولارا واحد له دون موافقة ضمنية أمريكية .
وقد استمرت المعونة الأمريكية العسكرية والإقتصادية رغم المذابح الوحشية التى تعرض لها الإسلاميون ، واهدار الإستحقاقات الإنتخابية والإنتهاكات الإعلامية وقتل الطلاب داخل الجامعات ، واعتقال آلاف المعارضين والتوسع فى حجب المواقع الالكترونية وعزل القضاه ، وغيرها من الإنتهاكات التى مازال الإنقلاب مستمرا بها .
ولهذا نتصور أن إلغاء وتجميد جانب من المعونة الأمريكية بمثابة رسالة لنظام الإنقلاب ، قد تتعلق بالعلاقات مع كوريا الشمالية أو بالتسليح أو بغيرها من الأمور ، لكن النظام الأمريكى والغرب عموما يدركون جيدا أنه لا توجد سوى قوتان على الساحة المصرية هما الجيش والإسلاميون ، وأن الديموقراطية تعنى صعود الإسلاميون .
 ومن هنا فضلوا خيار العسكر الإستبدادى الذى يحقق مصالحهم الإستراتيجية والتجارية والإستثمارية ومصالح اسرائيل ، ولهذا ستستمر المعونات الأمريكية للنظام المصرى ، مهما استمر فى عدوانه السافر على حقوق الإنسان .

 

شاهد أيضاً

ترزي القوانين وتعديلات دستور العسكر!! كتبه عزالدين الكومي

“فتحي سرور” الذي تجاوز الثمانين من عمره، تاريخه معروف،فهو أحد أعضاء التنظيم الطليعى الناصرى، وبعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *