قال تقرير استخباراتي إسرائيلي إنّ أهداف «إسرائيل» في سوريا، المتمثلة في مقاومة نفوذي إيران وحزب الله، ستتلاقى مع أهداف «تنظيم الدولة» الراغب في منعهما أيضًا والانتقام لهزيمته؛ ولذا نظرت بسعادة إلى ضربات التنظيم ضد الأهداف الإيرانية ولم تعلّق عليها، وفقًا لصحيفة «جيروزاليم بوست».
وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ التقرير الذي أصدره مركز «مئير عميت» للمعلومات والاستخبارات التابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية توقّع تلاقي كثير من الأهداف بين الجانبين طوال المدة المقبلة. وبالرغم من أنّ التنظيم يشكّل تهديدًا أمنيًا قويًا لـ«إسرائيل»، عزّزت هزيمته من اطمئنانه منه على الصعيد الأمني؛ فضرباته الحالية، التي يتبع فيها نهج العصابات كما كان في البداية، أمر مفيد لها.
وفي الساحة الضيقة لمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا تتلاقى مصالح التنظيم و«إسرائيل» بشكلٍ مؤقت؛ ما قد يجعلهما حليفين. لكن هذا مستبعدًا حدوثه بشكل رسمي معلن، وقد يكون بشكل ضمني حتى دون حديث بين الطرفين.
وأكّد «مركز مئير عميت» أنّ تلاقي المصالح هذا لا يعني أنّ التنظيم سيتوقف عن مهاجمة «إسرائيل» عبر سيناء. لكن، في حقبة ما بعد التنظيم وسقوط دولة الخلافة، وعندما يكون القلق الرئيس الجديد لـ«إسرائيل» وجود إيران في سوريا ومحاولاتها تهريب الأسلحة من سوريا إلى حزب الله في لبنان فقط؛ فالتنظيم والإسرائيليون قد يستهدفان بجانب بعضهما بعضًا إيران.
شكل جديد
وفيما يتعلق بـ«تنظيم الدولة» في العراق والشام، يقول تقرير المركز إنّه من المرجح أن يغير أنماطه القتالية ويعود إلى تكتيكات حرب العصابات والإرهاب بعد انتهاء الحرب ضده في العراق، وممكن أيضًا أن ينفّذ هجمات ضد المدنيين الإيرانيين، وتعتبر المركبات الإيرانية أهدافًا جذابة لتنظيم الدولة في شكله الجديد.
وغير التدخل الإيراني في سوريا، تشعل نيران الصراع مع التنظيم، التي تحتفظ بقدرات تشغيلية فائقة، حتى بعد انهيار دولته الإسلامية في العراق وسوريا؛ قال التقرير الاستخباراتي الإسرائيلي إنّ الهجوم المتعدد الأطراف للتنظيم ضد مبنى المجلس الإيراني وقبر الخميني بطهران في 7 يونيو الماضي يوضح التأثيرات الخطيرة المحتملة للمواجهة بين إيران والتنظيم على الأمن الداخلي لإيران.
وبالإضافة إلى ذلك، يقول التقرير: «نعتقد أنّ إيران والمليشيات الخاضعة لها سيناضلان لتقديم استجابة ملائمة لهذا التحدي الإرهابي»، وأضاف أنّ المخابرات الإسرائيلية تعتبر أهداف التنظيم من إيران «تعزّز آليات الضغط وتصعيد التهديد الذي يشكله على إسرائيل، بجانب خلق حالة ردع لهذا التهديد».
ويعود ذلك بشكل رئيس إلى زيادة القدرات العسكرية لحزب الله وتطوير قدراته في تصنيع الأسلحة وإنشاء شبكات إرهاب محلية على مرتفعات الجولان؛ بهدف خلق جبهة جديدة لتحدي «إسرائيل»، كما زعم التقرير الاستخباراتي الإسرائيلي.
احتكاك وشيك
ويزيد الوجود الإيراني في سوريا من احتمال الاحتكاك مع «إسرائيل»، وقد يؤدي إلى تصعيد بين البلدين في توقيت غير مناسب لإيران، وتحدّثت تقارير عن الغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا، وبعضها الذي يقترب من دمشق، ضد نقل الأسلحة الإيرانية إلى حزب الله.
وقال اللواء «عمير اشيل»، رئيس القوات الجوية الإسرائيلية السابق، إنّ «إسرائيل» قادت ما لا يقل عن مائة ضربة ضد نقل الأسلحة المتطورة، بما فيها الكيماوية، إلى حزب الله في سوريا.
ورجّح التقرير أن إيران ربما تبني حاليًا قواعد للتآمر ضد «إسرائيل»، إضافة إلى إنشائها مصانع أسلحة تابعة لحزب الله في سوريا.
وفي 10 نوفمبر، أفادت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أنّ مسؤولًا في المخابرات الغربية قال إنّ إيران بدأت في بناء قاعدة دائمة بالقرب من مدينة الكسوة (جنوب دمشق). ولفتت صور الأقمار الصناعية إلى أنّ البناء بدأ في عام 2017.
وهذه القاعدة وغيرها من القواعد المشابهة يمكن أن تكون أهدافًا مشتركة في المستقبل لـ«إسرائيل» وتنظيم الدولة؛ لمنع حزب الله من الحصول على أسلحة جديدة، وستفيد التنظيم في مسح العار الذي طاله جراء هزيمته. وغير ذلك، ستكون أهدفًا ضربها مدعومًا، ويلاقي استحسان الكتلة السنية الرافضة للتدخل الشيعي التي ترفض وجود إيران في سوريا ومليشياتها (كحزب الله).
وقبل ذلك، سعدت «إسرائيل» باستهداف «تنظيم الدولة» أهدافًا إيرانية وحلفاءها في المنطقة، حتى قبل اندلاع الحرب ضد التنظيم؛ لكنه كثيرًا ما يحتفظ بأراضٍ كثيرة، ويمثّل تهديدًا أمنيًا أيضًا لـ«إسرائيل».
والآن، بعد أن تلاشت دولة الخلافة وانسحق التنظيم، ولم يعد يشكّل تهديدًا لأمن «إسرائيل»؛ فإنها تنظر الآن بلا شك إلى هجمات التنظيم ضد إيران ووكلائها على أنها مفيدة لها على جميع المستويات.
ويقول التقرير أيضًا إنّ الطموحات الإيرانية لإنشاء ممر شيعي للحكم «الهلال الشيعي» سيصعد من مقاومة دول ضدها، وهي «الولايات المتحدة وروسيا وتركيا والديموجرافيات السكانية السنية في المنطقة التي تفضّل حكمًا سنيًا على حكم شيعي».