موجة التظاهرات المناهضة للحكومة في السودان والتي اندلعت بسبب ارتفاع أسعار الغذاء وأسفرت عن مصادمات دامية بين القوات الحكومية والمحتجين هي التحدي الشعبي الأكبر الذي يواجه الرئيس عمر البشير في فترة حكمه التي تمتد لـ 20 عاما.
هكذا علقت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية على الاحتجاجات المتواصلة التي تشهدها السودان في الآونة الأخيرة والتي تتزايدة وتيرتها على خلفية ارتفاع الأسعار ونقص الغذاء والوقود، ناهيك عن أزمة سيولة اضطرت معها السلطات إلى فرض قيود على عمليات السحب المصرفي، كما تسببت أيضا في تكدس شديد على ماكينات الصرف الآلي.
وقالت الصحيقة في سياق تقرير على نسختها الإليكترونية إن الاحتجاجات قد اندلعت في مدينة عطبرة الشرقية بالسودان، الأربعاء الماضي على خلفية قرار حكومي برفع أسعار الخبز، قبل أن تنتشر في الولايات المجاورة حيث وصلت إلى ولاية القضارف شرقي البلاد ثم إلى العاصمة الخرطوم ومدينة أم درمان.
ويحتج السودانيون على سوء الأوضاع الاقتصادية ويرفضون قرار الحكومة برفع سعر الخبز، من جنيه سوداني واحد للرغيف إلى ثلاثة جنيهات.
وقام المتظاهرون بحرق عدد من المقرات الأمنية ومكاتب لحزب المؤتمر الوطني الحاكم ورفعوا شعارات منددة بسياسات الحكومة الاقتصادية، قبل أن تصفهم الحكومة بـ”المندسين”، وتحذر من أنها “لن تكون متساهلة، مع أولئك الذين يشعلون النار في منشآت الدولة أو يخربون الممتلكات العامة”.
ويواجه السودان أزمة اقتصادية متصاعدة منذ العام الماضي، حيث تضاعفت أسعار بعض السلع وارتفع التضخم ما يقرب من 70 %، وانخفضت قيمة العملة المحلية، وعانت عدة مدن من نقص كبير في توفر السلع الأساسية خلال الأسابيع الماضية، بما في ذلك العاصمة الخرطوم.
وذكرت منظمة العفو الدولية مؤخرا أن 9 أشخاص على الأقل لقوا مصرعهم بعد إطلاق النار عليهم من قبل قوات الأمن، فيما ذكر صحفيون أمس الأول السبت أن 28 شخصا ربما لقوا مصرعهم في الاحتجاجات.
وألقت السلطات أيضا القبض على 14 من قادة حزء إئتلاف معارض، بحسب ما نشرته وكالة “رويترز”.
وتجيء أعمال العنف تلك في أعقاب احتجاجات مشابهة في الخرطوم في العام 2013، وأيضا في يناير من العام الحالي بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، لكن التظاهرات الأخيرة هي الأخطر ، بحسب محللين.
وقال محمد عثمان، المحلل المستقبل في تصريحات لـ “فاينانشيال تايمز” عبر الهاتف من الخرطوم في معرض تعليقه على الأحداث الجارية في السودان:” هذا أكبر تحدي حضري يواجه نظام البشير منذ أن جاء إلى السلطة، فنطاق الاحتجاجات غير مسبوق”.
وأضاف عثمان: “من الصعب جدا فهم كيف سينجو النظام من موجة الاضطراب تلك”.
ووصل البشير إلى سدة الحكم في انقلاب عسكري في العام 1989 مدعوما آنذاك من الإسلاميين، وأطاح البشير بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا التي كان يترأسها رئيس الوزراء الصادق المهدي الذي يتزعم حاليا حزب الأمة القومي المعارض، الوالذي عاد هذا الأسبوع إلى العاصمة الخرطوم بعد مكوثه لنحو عام في منفاه الاختياري في العاصمة البريطانية لندن.