بعد تداول الأنباء حول الحالة الصحية السيئة للقائد العام للجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، والحديث عن أنه في غيبوبة وأنه يعاني تلفاً في الدماغ لا يمكن علاجه ، واهتمام وسائل الإعلام بـ”ليبيا ما بعد حفتر”، وانتشار التكهنات بفراغ وشيك بالسلطة.. فاجأ حفتر الجميع ، فقائد القوات المدعومة من مجلس نواب طبرق ، يوجد بالقاهرة حالياً، وسيغادرها اليوم إلى بنغازي .
وأوضح أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات حفتر، في مداخلة هاتفية مع فضائية مصرية، الأربعاء : “نحن بالقاهرة في زيارة خاطفة، وسنعلن عن جوانبها كافة غداً (الخميس)؛ نظراً إلى أهميتها”.
وأشار المسماري إلى الإعلان عن مفاجأةٍ الخميس، متحفظاً حيال الكشف عن تفاصيلها.
ونشر العميد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي تدوينة مختصرة على صفحته في الفيسبوك، اكتفى فيها بالقول: «أبشروا أيها الشعب الليبي العظيم».
من جانبه، قال مصدر مصري مطلع على اللقاءات الليبية، لـ”الأناضول”، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إن حفتر يوجد بالقاهرة لإجراء مشاورات مع الجانب المصري، وسيغادر الخميس إلى بنغازي، متحفظاً على ذكر تفاصيل أكثر.
وكشف عمران حفتر، الشقيق الأصغر للقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، الثلاثاء 24، أن الأزمة الصحية التي مر بها المشير حفتر، ليست بالغامضة وهو بصحة جيدة، مشيرا إلى أن ضعف الأداء الإعلامي قد تسبب في جدل كبير على الساحة الليبية والعربية.
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة “اليوم السابع” المصرية الخاصة عن عضو لجنة الأمن القومي والدفاع بمجلس نواب طبرق، طارق الجروشي، قوله إن “حفتر وصل إلى القاهرة للقاء عدد من المسئولين المصريين، المشير يتمتع بصحة جيدة وسيعود إلى بنغازي خلال ساعات”، مشيراً إلى لقاء حفتر، الثلاثاء، بالقاهرة مسئولاً عسكرياً ليبياً (لم يسمه).
????#عاجل| مصادر ليبية لـ #eXtranews: المشير #حفتر يزور #مصر حاليا على رأس وفد رفيع بعد تعافيه بـ #فرنسا
للبث المباشر ⬅️ https://t.co/7OAWfj3HTR— eXtra news (@Extranewstv) ٢٤ أبريل، ٢٠١٨
وأكد “الجروشى” أن قائد سلاح الجو الليبي، اللواء صقر الجروشي، التقى حفتر في القاهرة ، موضحاً أنهم تناولوا وجبة العشاء معاً الثلاثاء.
وقال الجروشي في تصريحات لقناة 218 الليبية الخاصة المقربة من معسكر حفتر إن “القائد العام للجيش الوطني” سيوجه -حال عودته إلى بنغازي قادما من القاهرة- كلمة لليبيين، ويحضر احتفالا في الذكرى الرابعة لانطلاق ما يعرف بعملية الكرامة.
وأوضح أن حفتر فضل الصمت خلال الفترة الماضية التي تواترت فيها تقارير عن تردي صحته عقب نقله من الأردن إلى فرنسا للعلاج إثر شعوره بـ”الإعياء”.
وقالت صحيفة “البيان” الإماراتيه أن أعيان ووجهاء القبائل المؤيدة للقوات المسلحة، اتجهوا إلى منطقة الرجمة للمشاركة في استقبال حفتر وبدأت القنوات التلفزيونية التي تطلق برامجها من بنغازي في بث الأغاني الوطنية وأهازيج الفرح، وتلقي تهاني الفعاليات الاجتماعية والمواطنين الليبيين.
ولم يصدر أي تعليق من حفتر أو السلطات المصرية بخصوص أنباء وجوده بالقاهرة أو موعد وصوله، غير أن تقارير محلية كانت تشير إلى وصول حفتر الثلاثاء.
وكانت تقارير تحدثت عن تعرض اللواء الليبي المتقاعد لنزيف دماغي أدخله في غيبوبة، وذهبت بعض المصادر إلى أنه توفي، لكن مصادر مقربة منه أكدت أنه بصحة جيدة، فيما أكد المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة مؤخرا أنه أجرى اتصالا هاتفيا مع حفتر استغرق عشر دقائق.
ومنذ انتشرت أخبار قبل 10 أيام تفيد بأنَّ اللواء خليفة حفتر نُقِل جواً إلى فرنسا قادماً من الأردن لتلقي علاج طارئ، تزايدت الشائعات في ليبيا حد الإفراط وسط تقارير تُفيد بأن اللواء، وهو الرجل القوي البالغ من العمر 75 عاماً الذي يُسيطر على ﻣﻌﻈﻢ ﺷﺮق ﻟﻴﺒﻴﺎ، ﻣﺮﻳضٌ في حالة حرجة أو عاجزٌ أو حتى ﻣيت إكلينيكياً. مساعدو اللواء حفتر نفوا هذه التقارير، وأصروا على أنَّه دخل المستشفى لإجراء فحص روتيني.
ونُقل حفتر في 11 أبريل، إلى المستشفى التعليمي العسكري بيرسي، في مدينة كلامار بالضاحية الغربية للعاصمة الفرنسية باريس. وكشف وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، عن تحسُّن الحالة الصحية لخليفة حفتر، وفق ما نقله موقع “إذاعة فرنسا الدولية”.
وكانت صحيفة ” Middle east eye” قد نقلت ،الخميس 19 أبريل، عن مصادر وصفتها بـ”الخاصة”، أن اللواء حفتر ما زال في حالة غيبوبة تقريباً، وأنه “يعاني تلفاً في الدماغ لا يمكن إصلاحه، أو علاجه”.
ونقل الموقع البريطاني عن مصدر دبلوماسي أوروبي -لم يذكر اسمه- قوله إن “حفتر عاجز عن النطق أو حتى الإدراك الكامل. ولا يمكنه حتى الجلوس أو الوقوف”.
وأضاف المصدر أن الطبيب المُعالج لحفتر يقول إن “الجنرال الليبي حتى وإن استجاب جزئياً للعلاج، فذلك سيكون مؤقتاً ولن يعود طبيعياً مرة أخرى”؛ بسبب وضعه الصحي، لافتاً إلى أن حفتر عانى سرطان الرئة، الذي انتشر ووصل إلى دماغه. ولا يقوى حفتر على التحدث، أو حتى على الفهم السليم، ولا يمكنه حتى الجلوس أو الوقوف، وفقاً للمصدر الأوروبي، وقال الطبيب إن حفتر “يتناول أدوية يمكن تناولها للحد من التورم في المخ وقد تعيد لحفتر قدرته على الكلام، على سبيل المثال، لكن هذه التأثيرات ستكون مؤقتة”.
ومنذ مطلع أبريل 2018، لم يظهر حفتر علناً، حين أعلن قرب ما سماه “تحرير مدينة درنة (شرق)” من سيطرة قوات “مجلس شوري مجاهدي درنة”، وذلك عبر مقطع مصور بُث من مشارف المدينة.
وتسبب “غياب” خليفة حفتر عن المشهدين العسكري والسياسي بليبيا، في نقاش على مستويات عدة بشأن مستقبل البلاد، إذ اختلف المحللون بشأن تداعيات غياب “أهم” الشخصيات التي لعبت دوراً في الصراع الليبي، على الوضع الداخلي، وفقاً للاستقطابات المحلية والإقليمية والدولية التي تلعب دوراً في مسارات الأزمة الليبية، وكذلك الانقسامات السياسية.
وقال طارق مجريسي، المحلل الليبي بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في وقتا سابق: “هناك إشارات واضحة على أنَّ تنافساً على القيادة قد بدأ. لقد انتقل النقاش الآن من إذا كان حفتر ميتاً أو حياً، إلى ما إذا كان سيتمكن من العودة إلى نفس الدور السابق. ويعتقد معظم الناس أنَّه لن يستطيع”.
وأضاف مجريسي: “لقد تدمرت صورته كرجل قوي. الآن هو رجل ليبيا المريض”.
ويتهم مسئولون موالون لخليفة حفتر ما يطلقون عليه “الإسلام السياسي” بنشر معلومات مضللة عن صحة قائد ما يعرف بعملية الكرامة، المنصب من قبل البرلمان المنعقد في طبرق (شرقي ليبيا) قائدا للجيش، وهم يعنون بذلك الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية التي يناصبها حفتر العداء.
كما راجت مؤخرا تقارير عن تنسيق مصري إماراتي لتعيين بديل لحفتر، وتم تداول أسماء خلفاء محتملين على غرار عبدالسلام الحاسي وعبد الرزاق الناظوري وعون الفرجاني.
وتسود المشهد الليبي عموماً، حالةٌ من الانقسام المجتمعي على خلفيات سياسية وقبلية بعد 7 سنوات من غياب العقيد معمر القذافي، والإطاحة به في ثورة 17 فبراير 2011، التي لا تزال القوى الأساسية المتمسكة بثوابتها تصارع للخروج من أزمة شائكة، عنوانها السعي لسيطرة قوى فاعلة متنافرة على البلاد باستخدام الوسائل العسكرية، بعد فشل حكومات عدة في إرساء أسس الحوار الداخلي، في ظل غياب مسار سياسي واضح يرسم العلاقة بين مختلف القوى الليبية الفاعلة.
ويتصارع جانبان على النفوذ والشرعية في ليبيا؛ الأول حكومة الوفاق في طرابلس (غرب)، المسنودة بالمجلس الأعلى للدولة (تشريعي استشاري)، والثاني القوات التي يقودها خليفة حفتر، المدعومة من مجلس النواب في طبرق (شرق).
ويُعد حفتر هو الخصم الأبرز للحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة، وتتمركز في مدينة طرابلس بقيادة فايز السراج.
ومنذ أشهر، ترعى القاهرة اجتماعات ليبية للوصول إلى توافق ليبي-ليبي للأزمة المستمرة منذ سنوات. وتعيش ليبيا أزمة سياسية تتمثل بوجود 3 حكومات متصارعة؛ اثنتان منها في العاصمة طرابلس، وهما “الوفاق الوطني” و”الإنقاذ”، إضافة إلى “المؤقتة” بمدينة البيضاء (شرق)، والتي انبثقت عن برلمان طبرق.