بين شيوخ الكاوتشوك وشيوخ الكوتشينة فرق شاسع، النوع الأول يبني مجدًا رغم سنه ويقف أمام العدو الصهيوني في مسيرات العودة على أطراف غزة، والآخر يبيع آخرته بدنيا سيده، رغم أنه إمام الحرم المكي سابقاً، لم يمنعه ذلك من الظهور خلال افتتاح أول بطولة رسمية للعبة “البلوت” في السعودية، وانتشرت صوره بلحيته التي كادت أن تصل إلى ركبته وهو يفرق الورق في صالة بمدينة الرياض!.
وبينما يلهو شيوخ السعودية باللعب، قتل أمس الجمعة أربعة فلسطينيين، بينهم طفل، وأصيب أكثر من 645 آخرين، نتيجة استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرات سلمية تتواصل للجمعة الرابعة على التوالي، قرب السياج الفاصل شمالي وشرقي قطاع غزة ضمن مسيرة “العودة الكبرى”.
وأمام تعري مواقف شيوخ كان يظنهم الناس سندا للمقاومة وحماية المقدسات، يتهاوى شعار “خادم الحرمين”، الذي ظهر جليا أنه يخدم إسرائيل فقط، وأمام صمت قادةٍ كل همهم استرضاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصف منسق الأمم المتحدة الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، أعمال القنص الصهيونية بحق أطفال في غزة، بأنه أمر مخز، داعيا إلى إجراء تحقيق.
وقال ملادينوف، في تغريدة على حسابه في تويتر، أمس الجمعة: “إطلاق النار على الأطفال أمر مخز.. كيف يساعد عملية السلام قتل طفل في غزة اليوم؟”، وأضاف أن ذلك “لا يساعد، بل يزيد الغضب ويؤدي إلى مزيد من القتل. الأطفال يجب حمايتهم من العنف، لا تعريضهم له، ولا قتلهم. هذا الحادث المؤسف لابد من التحقيق فيه”.
ونشر نشطاء على مواقع التواصل صورتين: الأولى لشيوخ من غزة رغم أعمارهم الكبيرة إلا أنهم حملوا إطارات السيارات المستعملة “الكاوتشوك” إلى الخطوط الأمامية والتماس لحرقها أمام جحافل جيش الاحتلال، ولم يهابوا الرصاص أو القنص؛ رغبة منهم في ختام حياتهم بشرف الشهادة.
أما الصورة الثانية فكانت لإمام الحرم السابق الشيخ عادل الكلباني وهو يلعب الكوتشينة “البلوت”، وبينما تعطر الكلباني وتهيأ باللباس والغطرة، استنشق شيوخ غزة دخان قنابل الاحتلال المسيلة للدموع مع دخان حرق الإطارات، وأشعلت مشاركة الكلباني موجة غضب، حيث عبّر الكثير من النشطاء عن استيائهم لما وصل إليه دعاة السعودية في عهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، متسائلين: “إذا كان هذا طريق أهل الجنة، فكيف يكون طريق أهل النار؟”.
وكان آلاف الفلسطينيين توافدوا للأسبوع الرابع على التوالي، على عدة مناطق حدودية بين غزة والأراضي المحتلة، من أجل المشاركة في “جمعة الشهداء والأسرى”، التي دعت إليها الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار، والمفارقة أن الكلباني الذي تجاهل هو وأمثاله من دعاة السلاطين ما يجري في غزة، وجد من غير المسلمين من يؤيد مقاومة العدو الصهيوني.
ونشرت وسائل إعلام دولية، أمس الجمعة، أن الممثلة اليهودية الشهيرة نتالي بورتمان، رفضت حضور مهرجان في كيان العدو الصهيوني وتلقي جائزة، بسبب القمع والانتهاكات والإجرام الذي يقوم به الاحتلال، في إشارة إلى الأوضاع التي تشهدها غزة.
وخلافاً لمواقف الكلباني، قرّرت الممثلة الأمريكية اليهودية عدم الحضور إلى تل أبيب لتلقي جائزة تُخصص سنويًا لشخصية يهودية معروفة عالميًا، وأبلغ مديري أعمال بورتمان القائمين على “جائزة المنشأ (Genesis Prize)”، أنها منزعجة من الأحداث الأخيرة بشكل كبير، لذلك فهي غير قادرة على الحضور، وبينما لم يوضح مديرو أعمال بورتمان المقصود بـ”الأحداث الأخيرة”، رجّح نشطاء أن يكون القصد عمليات القمع لمسيرات العودة التي يشهدها قطاع غزة.
وأرسل وزير ما يسمى “الأمن الداخلي” بحكومة الاحتلال، جلعاد أردان، رسالة للممثلة الأمريكية “نتالي بروتمان”، قال فيها بنبرة غاضبة: “إن رفضك المجيء لإسرائيل هو بسبب الدعاية الكاذبة لحماس التي تريد إبادة إسرائيل، موضحا: “أنت تصدقين دعاية حماس التي تريد تدمير إسرائيل “، ومن المعروف أن تلك الجائزة التي يطلق عليها أيضا اسم “جائزة نوبل اليهودية” تمنح من يحصل عليها مليون دولار أمريكي.