توسعت الصحافة الإسرائيلية في الحديث عن التبعات المتوقعة لمسيرات العودة التي انطلقت الأسبوع الماضي وتدخل أسبوعها الثاني، والتنبؤ بنتائجها المتوقعة على إسرائيل.
ونشر السياسي الإسرائيلي السابق يوسي بيلين مقالا في صحيفة “إسرائيل اليوم” قال فيها إن هذه المسيرات “تنبأ بها القيادي الفلسطيني الراحل فيصل الحسيني أواخر 1995، حين التقيا عقب اغتيال رئيس الوزراء إسحاق رابين، واندلاع سلسلة عمليات فلسطينية انتحارية وتفجيرية”.
وأضاف في المقال -الذي ترجمته “عربي21“- أن الحسيني أبلغ بيلين أنه “يوما ما سيشهد توافد مئات الألوف من الفلسطينيين إلى السياج الحدودي لقطاع غزة، ودخولهم إسرائيل بدون سلاح، رغم أن الجيش الإسرائيلي سيقتل كل من يتقدم الصفوف الأولى، وبعد دخول الصفوف التالية داخل إسرائيل سيتم قتل العديد منهم، ولئن كان المجتمع الدولي سيسلم بذلك بداية الأمر، ولكنه حين تتصاعد أعداد القتلى سيتدخل العالم، ولن يبقى ساكتا”.
السلاح السري
وأضاف بيلين أن “هذا هو السلاح السري للفلسطينيين، الذهاب في أعقاب غاندي الزعيم الهندي، والتضحية بعشرات وربما مئات من العزل من السلاح بصفوفهم، كي يجبروا العالم على التدخل أخيرا، والسعي لتحقيق الحل المعروف للجميع بإقامة دولتين وفق حدود الخط الأخضر”.
ونقل بيلين، وهو وزير القضاء الأسبق ونائب وزير الخارجية السابق، عن الحسيني قوله إن الفلسطينيين “ليس لديهم تلك الآمال العريضة بالانتصار العسكري على الجيش الإسرائيلي، أو فرض حل سياسي على إسرائيل لا تريده، لكن العالم لن يتدخل إلا إذا حصلت أحداث كهذه قد تزعزع الرأي العام العالمي، وتجبر الدول الكبرى على اتخاذ قرارات”.
وأكد أن العالم سيتدخل “لأن كاميرات التلفزة العالمية ستبث هذه المشاهد على الهواء مباشرة، ولن تجد أحدا يتضامن مع إسرائيل، لأن الصور ستتكلم وحدها، والأرقام ستتحدث عن نفسها، خاصة إن كان من بين القتلى الفلسطينيين أعداد كبيرة من الفتيان والأطفال، صحيح أن الفلسطينيين سيدفعون ثمن الموت، لكن إسرائيل ستدفع ثمن الضغط الدولي، وفي النهاية لابد أن تفعل شيئا”.
وختم بيلين مقاله بالقول: “بعد مرور قرابة ربع قرن تتحقق نبوءة الحسيني هذه الأيام من خلال مسيرات غزة، فقد كان واضحا أن تدهور الأوضاع الاقتصادية في غزة سيؤدي إلى انفجارها، ولذلك لابد لإسرائيل أن تضع لهذه المسيرات حدا، من خلال إجراء تغيير في السياسات الميدانية تجاه الفلسطينيين”.
من جهته، يشير الكاتب في صحيفة إسرائيل اليوم بوعاز هعتسني إلى أن مسيرات الفلسطينيين هذه الأيام “تتزامن مع مرور 13 عاما على الانسحاب من قطاع غزة، حين دمرت إسرائيل 21 تجمعا استيطانيا وطردت ثمانية آلاف مستوطن، حتى أنها أخرجت الموتى اليهود من قبورهم، وحققت حلم محمود درويش الشاعر الفلسطيني حين قال قديما: اذهبوا ولا تموتوا بيننا”.
خطة محكمة
وأضاف هعتسني في التحليل الذي ترجمته “عربي21” أنه كان “متوقعا من خطة الانفصال أن نترك غزة خلف ظهورنا، بمشاكلها وسكانها، وفي حين أحيا اليسار الإسرائيلي والمجتمع الدولي احتفاليات واسعة بمناسبة تطبيق خطة الانفصال، بزعم حصول إسرائيل على مشروعية في محاربة كل من يهددها”.
ويضيف: “بعد أن صفق العالم لإسرائيل خمس دقائق، سرعان ما عاد لإدانتها، رغم تلقي غلاف غزة لسيول متلاحقة من القذائف الصاروخية، ومنذ الانسحاب من غزة في 2005 خاضت إسرائيل خمس مواجهات عسكرية، ثلاثة منها كبيرة بين عامي 2008 و2014، قتل فيها قرابة مئة جندي إسرائيلي، وخسرت فيها إسرائيل أكثر من 20 مليون شيكل”.
وختم هعتسني، وهو أحد كبار مستوطني كريات أربع، أن “مسيرات العودة اليوم تبدو كخطة فلسطينية محكمة تهدف لاجتياح خط الهدنة، واقتحام السياج الفاصل، وتحشيد مئات آلاف العرب الفلسطينيين من قطاع غزة إلى داخل الخط الأخضر، والعودة إلى المجدل ويافا وحيفا وعكا”.
من جهته، يرى السفير الإسرائيلي الأسبق في الولايات المتحدة زلمان شوفال أن “الفلسطينيين نجحوا من خلال مسيراتهم الأخيرة بتصدر عناوين الأخبار على مستوى العالم، وخطابات التضامن من المجتمع الدولي، والعالم العربي، مما يتطلب من إسرائيل عدم تجاهل تبعات هذه المسيرات، والقيام بجهد دبلوماسي وإعلامي وقانوني كبير، وهو ما لم يتم العمل به حتى الآن”.
وأضاف في مقاله بصحيفة إسرائيل اليوم، وترجمتها “عربي21” أن “الدرس الأهم لإسرائيل من هذه المسيرات على حدود غزة أنها قد تتكرر على الحدود الإسرائيلية الشرقية، فيما لو قامت دولة فلسطينية مستقلة، وحينها لن يقدر أي جدار حدودي أو سياج فاصل أن يحول بين اجتياح أمواج بشرية لمناطق حدودية تزيد اتساعا وطولا بأضعاف ما هو عليه الحال مع حدود غزة”.