بات خوف زعيم النظام المصري، عبدالفتاح السيسي من حدوث انقلاب أو تمرد عسكري داخل المؤسسة العسكرية بعد إزاحة الفريقين أحمد شفيق، وسامي عنان من سباق الرئاسة لصالحة، واضحا وهو ما تجلى في “تعميم” صدر عن الشؤون المعنوية للقوات المسلحة، وفق عدد من المراقبين.
وحذر المنشور “السري” الذي أرسل إلى مديري القنوات والصحف الموالية للنظام من التعاطي مع أي بيانات عسكرية من أي جيوش ميدانية، أو مناطق عسكرية غير تلك التي تصدر من إدارة الشؤون المعنوية للجيش.
وجاء في نص الرسالة التي حملت عنوان (هام جدا): “عدم التعامل المباشر مع شؤون معنوية الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية وتناول أي أخبار منهم مباشرة .. وطبقا للتعليمات الصادرة لا يتم التعامل إلا مع إدارة الشؤون المعنوية، وصفحة المتحدث العسكري فقط حيث أنهما الجهتان الوحيدتان المنوطتان بالتعامل مع وسائل الإعلام”.
ولا يمكن التأكد من صحة التعميم المرسل من مصدر مستقل.
رسالة السيسي ورسالة الجيش
وعلق النائب السابق، يحيى عقيل، قائلا: “أظن أن السيسي حصل على الضوء الأخضر من أمريكا عقب زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس للقاهرة، فهو يتعامل بجدية شديدة مع كل مهددات وجوده على كرسي الرئاسة، فالسيسي غير مطمئن لمن حوله فعمد إلى إقصاء الجميع، ويشعر بالقلق من الجميع”.
وأضاف أن “المربع الذي يوجد فيه السيسي لا يوجد فيه غير عدد قليل من المقربين، والمسافة بينه وبين البقية كبيرة، وهو يتعامل من منطلق عدم الثقة في أحد، ويتحسب للأمر جيدا، ويسعى جاهدا أن تظل المؤسسة العسكرية تحت سيطرته المباشرة والكاملة”.
مشيرا إلى أن “السيسي غير مطمئن لحالة التململ في المجتمع المصري ويخشى من الانفجار والتمرد ويعمل له ألف حساب، فتراه يزج بالجيش في جميع المشروعات والقضايا حتى يقال إن الجيش هو من يشرف ويحكم”.
وأكد النائب السابق أن “رد الجيش على ترشح عنان يحمل رسالة مفادها أنه ليس السيسي من سيقف له بل الجيش أيضا، وكأنه يقول إن الجيش له مرشح واحد فقط، هو السيسي، وليس من المسموح تنافس أكثر من مرشح للجيش”.
انقلاب ناعم..ثم خشن
بدوره؛ قال رئيس الدائرة المصرية بمركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية، إسلام الغمري: “ما قام به السيسي ضد الفريق عنان عبر بيان نسب للقيادة العامة للقوات المسلحة، وهو المنصب الذي يرأسه السيسي نفسه، فإنما يشير إلى أن السيسي تحرك منفردا دون الترتيب مع المجلس العسكري وقيادات الجيش، مما يجعل ما قام به السيسي بمثابة انقلاب ناعم، ولكن يخشى من تطور الأوضاع ليتحول نحو الخشونة”.
واستدرك قائلا: “لذا ترددت المعلومات عن نزول قوات عسكرية لأحياء بالقاهرة منذ مساء الثلاثاء، وكذلك تفتيش منزل الفريق عنان، واختطافه إلى مكان مجهول، ما ينذر بصدام عقب رفض السيسي كل السبل للتغيير السلمي والانتقال الآمن للسلطة”.
ورأى أن “التعميم المرسل لأذرع النظام الإعلامية يؤكد بما لا يدع الشك بأن السيسي أصبح معزولا أكثر من أي وقت مضى، وأن هناك انقلابا سيطيح به في القريب العاجل أو ثورة شعبية عارمة، وذلك بعد أن أصبح توجهه الصهيوني واضحا كالشمس مما جعل ما يشبه إجماعا وطنيا يسعى لإزاحته ومن ثم محاكمته على جرائمه”.
قيادات الجيش الغاضبة
من جهته؛ أكد المتحدث الرسمي لحركة جامعات مستقلة، أحمد عبدالباسط، أن “هذا التعميم أو المنشور يتفق مع تخوف نظام السيسي من أي رد فعل يخرج عن السيطرة بعد إزاحة عنان من المنافسة، لذا شدد على ضرورة عدم إذاعة أو نقل أي بيان عسكري، وهو ما يعني أن هناك تخوفات حقيقية من تحرك قطاع ما في الجيش (يدعم عنان) لا يعلم السيسي نفسه مصدره، وهو ما يؤكده أيضا قرار النائب العام بمنع النشر في قضية عنان عقب اتهامه بالتزوير”.
لافتا إلى أن “هناك تخوفا كبيرا من داخل المؤسسة العسكرية من حدوث رد فعل بعد الغدر بعنان، الذي يحظى بقبول وثقل في الجيش، فهناك لواءات في الجيش كانت لا تعرف السيسي المغمور لسنوات طويلة حتى ظهر فجأة على الساحة السياسية في أعقاب تعيينه وزيرا للدفاع”.
وأضاف أن “ما يعزز خوف السيسي وعدم ثقته في كل قيادات الجيش، إقالته لمدير المخابرات العامة، أحد أهم وأخطر الأجهزة الأمنية في مصر، بعد مؤسسة الرئاسة نفسها، حيث أنه جهاز مستقل”.