دائمًا ما تكشف البيانات والتقارير الرسمية، عن جملة الأكاذيب والتصريحات الوهمية بالتقدم وتقليل معدلات التضخم التي تنهش فى جسد المواطنين، والتي أعقبت الانقلاب العسكري، بقيادة عبدالفتاح السيسي، ففي الوقت الذي يتحدثون فيه عن نقاط وهمية وهامشية أيضًا، نجد أن التقارير الرسمية تتحدث عن دولة آخري وشأن آخر.
فقد كشفت تقارير حكومية، عن عجز بالموازنة العامة للدولة، فى أول شهرين لها هما شهري “يوليو وأغسطس”، من العام الحالي 2017/2018، وصلت إلى (74,6) مليارًا بما يعادل (4.23 مليارات دولار)!.
وكان العجز الكلي للميزانية العامة المصرية، بلغ 68.5 مليار جنيه (3.8 مليارات دولار) بما يعادل 2% من الناتج المحلي الإجمالي، في أول شهرين من العام المالي الماضي.
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو حتى نهاية يونيو من العام التالي، وفقًا لقانون الموازنة العامة.
وقالت وزارة المالية في تقرير صادر، أمس الثلاثاء، إن الإيرادات العامة ارتفعت إلى 74.5 مليار جنيه (4.23 مليار دولار)، مقابل 46.7 مليار جنيه (1.65 مليار دولار) في الفترة المقابلة.
وارتفعت المصروفات إلى 148.9 مليار جنيه (8.46 مليارات دولار)، مقابل 114.5 مليار جنيه (6.50 مليارات دولار) في الفترة المقابلة.
ويعزو كثير من الخبراء والمتخصصين أسباب أزمة العجز المستمر في الموازنة العامة للدولة إلى “4” أسباب: أولها قرار تحرير سعر صرف الجنيه في 3 نوفمبر 2016، وثانيها ارتفاع أسعار الكثير من السلع المستوردة مثل البترول والقمح بأكثر من 30% حاليًا عن وقت إعداد الموازنة، وثالثها زيادة معدل نمو الإنفاق العام بصفة عامة، وكذا نسبته إلى الناتج المحلي وزيادة حجم النفقات الجارية وتراجع النفقات الاستثمارية ونسبتها إلى الناتج المحلي.
ورابع الأسباب، بحسب خبراء ومتخصصين، هو ضعف الأداء الضريبي، وتقلب الحصيلة الضريبية، بسبب تعاظم حجم الاقتـصاد غير الرسمي، وانخفاض متوسط الدخول الحقيقية، وغياب الوعي الضريبي، وظاهرة التهرب الضريبي.
ويحذر الخبراء من زيادة الاعتماد على أذون الخزانة لتمويل العجز، دون البحث عن مصادر إيرادات أخرى، وارتفاع حجم الدين المحلي وارتفاع نسبته إلى الناتج المحلي، مؤكدين أن ذلك سوف يزيد من حجم الفوائد المدفوعة على الدين العام المحلي والخارجي.
اللافت في بيان وزارة المالية أن إيرادات الدولة قفزت إلى “74.5 مليار جنيه” خلال نفس الشهرين يوليو وأغسطس، مقارنة بالعام المالي الماضي والذي تحقق فيه “46,6» مليار جنيه بزيادة قدرها “27,8” مليارًا.
فرغم عدم زيادة الإنتاج ولا ارتفاع موارد الدولة نتيجة زيادة حجم التصدير فمن أين جاءت هذه الزيادات في الإيرادات؟!
وبحسب خبراء فإن وزراء ذلك “3” بنود رئيسة تعود في معظمها إلى تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار بأكثر من النصف ما يعني أن هذا الارتفاع في الإيرادات هو ارتفاع وهمي لا حقيقي، ومن هذه الأسباب ما يلي:
الأول: ضرائب المبيعات على السلع المستوردة والتي زادت إلى 11.8 مليار جنيه خلال أول شهرين من العام الجاري مقابل 5.4 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي بزيادة قدرها 116.2%. وساهم في هذه الزيادة تطبيق ضريبة القيمة المضافة التي ارتفعت سعرها إلى 14% بدلا من ضريبة المبيعات بسعر 10% وذلك تزامنا مع التراجع الحاد في قيمة الجنيه بعد تحرير سعر الصرف في نوفمبر الماضي وهو ما رفع من قيمة السلع المستوردة عند تقديرها بالجنيه.
الثاني: ارتفاع أرباح الدولة من أسهمها في قناة السويس خلال أول شهرين من العام الجاري عند تقييم أرباحها بالجنيه لا الدولار حيث سجلت ارتفاع بنسبة 159.9%، حيث سجلت 6.5 مليار جنيه مقابل 2.5 مليار جنيه في نفس الفترة من 2016-2017. وساهم في ذلك ارتفاع إيرادات قناة السويس عند تقييمها بالجنيه نظرا لفروق تقييم سعر الصرف قبل وبعد التعويم.
الثالث: ارتفاع الإيرادات المتنوعة خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين 307.6%. وسجلت الإيرادات المتنوعة خلال أول شهرين من العام الجاري 7.8 مليار جنيه مقابل 1.9 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي. وتشمل الإيرادات المتنوعة إيرادات جارية والتي ارتفعت إلى 5.2 مليار جنيه مقابل مليار جنيه، وإيرادات رأسمالية حيث سجلت 2.6 مليار جنيه مقابل 888 مليون جنيه. ويعود السبب في ذلك ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه الذي انخفض إلى أكثر من النصف ما ساهم في رفع الإيرادات عند حسابها بالجنيه رغم تراجعها عند حسابها بالدولار!.