الرئيسية / المقالات / رمضان شهر المواساة بقلم: عامر شماخ

رمضان شهر المواساة بقلم: عامر شماخ

يهل علينا الشهر الفضيل بعد ساعات؛ حاملا معه البشرى والخير، آملين من العلى القدير أن يكون هذا العام شهر فرقان وعز ونصر، وأن يعلو فيه الإسلام وأهله، ويكبت فيه الكفر وحزبه..

وإذا كان لرمضان فضائله المعروفة، وبركاته المعهودة فإن له هذا العام ميزة وخصيصة لمن أراد من الأكياس أن يكون له عند الله مقام ودرجة؛ ذلك لأنه صار فى المصريين فقر وفقراء، وبؤس وعوز لا تخطئه العين؛ وتلك فرصة الموسرين ومن آتاهم الله رزقًا ومالا؛ ليوسِّعوا به إخوانهم، وليغنوهم فى هذا الشهر، فهو شهر المواساة، كما أخبر المعصوم،  فى حديث سلمان المشهور، قال -صلى الله عليه وسلم-: «يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيام يومه فريضة، وقيام ليله تطوعًا، من تقرّب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وهو شهر المواساة، وهو شهر يزداد فيه رزق المؤمن، من فطَّر فيه صائمًا كان له عتق رقبة ومغفرة لذنوبه، قيل: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، قال: يعطى الله هذا الثواب من فطّر صائمًا على مزقة لبن، أو تمرة، أو شربة ماء، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطهُ مغفرة، وآخره عتق من النار».

وفى الحديث كفاية لإدراك ما فى هذه الأيام المباركات من نفحات، ومن فضل المتصدقين، وجزاء المنفقين الساعين فى الخيرات. لكننا نذكِّر؛ فإن الذكرى تنفع المؤمنين، مؤكدين أن تلك سنة المعصوم -صلى الله عليه وسلم- فى هذا الشهر؛ اعترافًا بنفاسته وفضله عن باقى الشهور، وأن أيامه هي خير أيام الإسلام؛ فلقد كان -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان، حين يأتيه جبريل ليدارسه القرآن، وكان يأتيه كل عام؛ فلرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود بالخير من الريح المرسلة..

إذن من المستحب فى هذا الشهر الإنفاق، وعون المسلمين، وفك كربهم، وحل مشكلاتهم وضوائقهم، والسعى فى حاجاتهم؛ وذلك سر صدقة الفطر، وكفارات الصيام، والتحريض على تفطير الصائمين، ومن هاهنا يفضل أصحاب الزكوات إخراجها فى هذه الأيام؛ لتطبيق السنة فى الجود والإنفاق فى هذا الشهر، ولنيل الأجر المضاعف؛ إذ الفريضة فى رمضان بسبعين أخرى فيما سواه.

إننا لا نبالغ إذا قلنا إن رمضان هو (مجدد العام) عند المسلمين، ويزيد قدره عند الواعين منهم، الذين يدركون ما عليه الأمة الآن من ضعف وهوان وضعة، وأن هذه الأيام المباركات إذا ما استثمرت فى هذا الجانب؛ قويت الأمة، والتحم صفها، واجتمعت بعد تفرق، والتأمت بعد تشتت، وأدرك ضعفائها أنهم أبناء خير أمة أخرجت للناس، ووثق أغنياؤها أن الجهاد فى الإسلام ليس جهاد النفس وفقط، ولكن الله اشترى من المؤمنين أموالهم كما اشترى أنفسهم فى مقابل الجنة، وأنه لا يكون إيمان -الذى هو ركن الأمة المسلمة- إلا بتكافل وتعاون، وبر ورحمة، وحب وإيثار تسود بين أفراد المجتمع، وهذا ما أكد عليه المعصوم -صلى الله عليه وسلم- فى الحديث المشهور: «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

فالأمة المسلمة أمة واحدة، يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالله، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، وأموال الأغنياء هى مال الله، وهم مستخلفون فيه، ينفقون منه على «عيال الله»، فإذا ما سأل فقير فلأن أغنياء الأمة لم يسألوا عنه، ولم يعطوه حقه فى هذا المال، وقد تركوه حتى مد يده وسأل الحاجة.

نذكر أنفسنا وحضرات القراء بأن رمضان فرصة لمسح دموع المكلومين، وكف الأذى عن المستضعفين، وتقديم يد العون إلى المحتاجين، والبحث عن الذين لا يسألون الناس إلحافًا وقد ألجأتهم الأحوال إلى المبيت طاويين، ويمنعهم حياؤهم من السؤال. وإذا كان الله لم يحرّم الطيبات التى أخرجها لعباده، فإنه كذلك حرّم الإسراف والتبذير، وحرم الشبع والجار جائع، واعتبر الإيثار فضيلة وخلق السابقين بالخيرات.

{هّا أّنتٍمً هّؤٍلاءٌ تٍدًعّوًنّ لٌتٍنفٌقٍوا فٌي سّبٌيلٌ پلَّهٌ فّمٌنكٍم مَّن يّبًخّلٍ $ّمّن يّبًخّلً فّإنَّمّا يّبًخّلٍ عّن نَّفًسٌهٌ $ّاللَّهٍ پًغّنٌيٍَ $ّأّنتٍمٍ پًفٍقّرّاءٍ} [محمد: 38].

شاهد أيضاً

ترزي القوانين وتعديلات دستور العسكر!! كتبه عزالدين الكومي

“فتحي سرور” الذي تجاوز الثمانين من عمره، تاريخه معروف،فهو أحد أعضاء التنظيم الطليعى الناصرى، وبعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *