الرئيسية / الاخبار / أخبار عامه / “شرعنة الاستيطان”.. كيف أسس الاحتلال لـ”سلب الأرض”؟

“شرعنة الاستيطان”.. كيف أسس الاحتلال لـ”سلب الأرض”؟

صوت “الكنيست” الإسرائيلي منتصف الأسبوع الماضي، بالقراءتين الثانية والثالثة، على قانون “تشريع الاستيطان” بأغلبية 60 صوتاً ومعارضة 52 صوتاً، بعد مماطلة وتسويف في طرح القانون على “الكنيست”.

في هذه المادة نتعقب مراحل تمرير هذا القانون خطوة بخطوة وصولاً إلى مرحلة الإقرار النهائي في “الكنيست الصهيوني”.

“شرعنة السرقة”
بداية لا بد من العلم أن القانون الصهيوني يهدف إلى حماية 5000 بيت أقيمت في المستوطنات الإسرائيلية على قطع أراضٍ خاصة، ومنع المحكمة الإسرائيلية العليا من إصدار قرارات هدم وإزالة لهذه البيوت، عبر تحويلها إلى “شرعية” من خلال سلسلة من الإجراءات “القانونية” وفق القانون الجديد.

ووفق القانون؛ فإن حكومة الاحتلال يحق لها مصادرة الأراضي الخاصة من خلال أمر عسكري خلال 30 يوما من بدء سريان القانون، ونقل هذه الأراضي بعد المصادرة لقسم الاستيطان في “الهستدروت الصهيونية”، والتي تنقل هذه الأراضي لصالح المستوطنة الرسمية التي تقع هذه الأراضي في حدودها.

ويفرض القانون الجديد رسوم التعويض على أصحاب الأراضي الخاصة بقوة القانون سواء كان هذا التعويض منحهم أراضي بديلة أم تعويضا ماليا، بما يحل إشكالية “مصادرة أملاك خاصة”.

يسري القانون الجديد على البيوت وقطع الأرض الخاصة كافة التي في مختلف مستوطنات الضفة الغربية كلها، وخاصة ما يسمى بالبؤر الاستيطانية العشوائية، ونحو عشرين مستوطنة خارج الكتل الاستيطانية الكبيرة.

البذرة الخبيثة
على إثر إصدار المحكمة الإسرائيلية العليا في مايو/أيار 2012، أمرا قضائيا نهائيا بإخلاء وهدم أربعة بيوت للمستوطنين في مستوطنة بيت إيل، تبين أنها أقيمت على أراض فلسطينية خاصة، جاء مشروع هذا القانون.

الوزير الحالي يريف لفين، هو صاحب المقترح الأصلي للقانون، وكان يهدف منه إلى محاولة تشريع عملية سرقة الأراضي الخاصة بأثر رجعي بما يتيح للحكومة الإسرائيلية منع إخلاء هذه البيوت.

لكن الحكومة الإسرائيلية اضطرت في حينه إلى هدم المباني المذكورة، بعد أن كان رئيس الحكومة الحالي، نفسه، بنيامين نتنياهو عارض القانون وهدد بفصل كل وزير يصوت إلى جانب القانون، ما أدى في نهاية المطاف إلى إفشال القانون المذكور.

إلى الواجهة من جديد
عاد عضوا الكنيست “بتسليل سموطريتش” و”شولا رفائيل معلم”، من حزب “البيت اليهودي”، وطرحا مشروع القانون مجددا في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2016، ووافق عليه 20 عضوا من نواب حزب الليكود، وذلك مع اقتراب الموعد النهائي لقرار قضائي ناجز يلزم بإخلاء وإزالة مستوطنة عاموناه.

و”عاموناه” هي مستوطنة أقيمت على أراض فلسطينية خاصة لفلسطينيين من سكان قرى سلواد وعين يبرود والطيبة، وكان أصحابها قدموا التماسا للمحكمة الإسرائيلية، وأثبتوا ملكيتهم للأراضي منذ العام 2014، حيث منحت المحكمة حكومة الاحتلال مهلة لهدم هذه البيوت وإزالتها حتى موعد أقصاه 25 ديسمبر/كانون الأول 2016.

وبعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الأميركية، كثف المستوطنون في الأراضي المحتلة، بدعم وتأييد من حزب البيت اليهودي بقيادة نفتالي بينت، ووزراء من الليكود، ضغوطَهم على حكومة نتنياهو لتشريع القانون مع فقرة خاصة تضمن سريانه على بيوت مستوطنة عاموناه بأثر رجعي.

وضغطوا بشكل قوي حتى يسَنّ القانون نهائيا قبل 25 ديسمبر/كانون الأول؛ لضمان عدم إخلاء المستوطنة المذكورة وإبطال مفعول قرار المحكمة العليا، مدعين أمام نتنياهو أن وصول ترمب للحكم يعني نفاد حجج نتنياهو بوجود ضغوط أميركية على حكومته لتجميد البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة.

سجال و”عاموناه” مستثناة
رفض المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، “أفيحاي مندلبليت”، القانون المقترح، كما عارض وزير المالية، زعيم حزب كولانو، “موشيه كاحلون” القانون المقترح مع البند الخاص بعاموناه، بادعاء أنه يقوض سلطة القضاء.

فيما أبرز مندلبليت حقيقة كون القانون المقترح يعارض القانون الدولي والقانون الداخلي الإسرائيلي، وبالتالي فهو قانون غير دستوري لا يمكن الدفاع عنه أمام المحكمة الإسرائيلية، كما قال.

اضطر اليمين الإسرائيلي، على إثر ذلك، وعلى إثر إعلان نتنياهو نفسه أن القانون سيعرض “إسرائيل” للملاحقة أمام محكمة الجنايات الدولية، إلى تعديل القانون جزئيا بحذف البند 7 الذي كان ينص على سريان القانون أيضا على بيوت مستوطنة عاموناه.

وعندها مُرّر القانون في لجنة التشريع الوزاري، وبعدها بالقراءة التمهيدية في الكنيست في الخامس من ديسمبر 2016، مع بدء الحديث عن مسار جديد لنقل المستوطنين إلى مكان قريب على نفس التلة الفلسطينية ولكن على أراض ادعت حكومة الاحتلال بأنها “أراض متروكة”.

رفع أصحاب الأراضي الفلسطينيون التماسات للمحكمة الإسرائيلية العليا، أثبتوا خلالها ملكيتهم أيضا لهذه الأراضي، فيما وافقت المحكمة على تمديد موعد إخلاء بيوت عاموناه من 25 ديسمبر إلى 15 فبراير موعدًا أخيرًا، مع تحديد جلسات لمناقشة “مسار الأراضي المتروكة” الذي اقترحته الحكومة الإسرائيلية ومستشارها القضائي.

قرار 2334
أثارت مصادقة الكنيست على القانون بالقراءة التمهيدية ردود فعل دولية، كان أشدها غضب إدارة أوباما على القرار وعلى التصريحات الإسرائيلية المنددة بسنوات إدارته مقابل الاحتفاء بانتخاب دونالد ترمب؛ فامتنعت الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض الفيتو، ضد مشروع قرار لإدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.

وأصدر مجلس الأمن الدولي في 23 ديسمبر قراره رقم 2334 تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.

زاد القرار من شدة ضغوط اليمين الاستيطاني، وخاصة حزب البيت اليهودي على بنيامين نتنياهو مطالبين الحكومة الإسرائيلية -بعد القرار- بتسريع سن قانون ضم الضفة الغربية لـ”إسرائيل”، أو تطبيق القانون الإسرائيلي على مستوطنة معاليه أدوميم والكتل الاستيطانية الكبيرة.

فيما كان نتنياهو يحاول إرجاء عملية تشريع القانون وكسب الوقت لحين تسلم دونالد ترمب مهامه رئيسا للولايات المتحدة في 20 من الشهر الماضي.

“فضائح نتنياهو” تعجل الإقرار
مع ازدياد التوتر بين حزب نتنياهو وحزب البيت اليهودي، وتورط نتنياهو في قضايا الفساد والتحقيقات الجارية ضده، أوعز نتنياهو الأسبوع الماضي بتعجيل عملية تشريع القانون والانتهاء من التصويت عليه، فيما قدمت المعارضة أكثر من 400 تحفظ على بنود القانون؛ لكسب الوقت وإرهاق الائتلاف الحكومي.

صوت الكنيست الاثنين الماضي، على القانون في الحادية عشرة ليلا، وأُقرّ بالقراءتين الثانية والثالثة، بأغلبية 60 صوتا ومعارضة 52، مع إعلان نتنياهو قبل ساعات من التصويت أن استكمال عمليات تشريع القانون هي بالتنسيق مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

فيما أعلنت جمعية حقوق المواطن، وحركة “سلام الآن”، الثلاثاء الماضي، أنهما ستلتمسان لدى المحكمة الإسرائيلية العليا ضد القانون الجديد، وتطلبان إلغاءه؛ لأنه يعارض القانون الدولي، كما يناقض القانون الداخلي لـ”إسرائيل” الذي لا يجيز مصادرة أراض خاصة لغرض منحها لآخرين لإقامة بيوت عليها، ولأنه يشرعن سرقة الأرض من أصحابها.

شاهد أيضاً

الأمم المتحدة: الوضع في ليبيا غامض وقلقون بشأن المدنيين المحاصرين بمحيط طرابلس

أعربت الأمم المتحدة عن قلقها تجاه المدنيين المحاصرين في مناطق الاشتباكات بمحيط العاصمة الليبية طرابلس، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *