الرئيسية / المقالات / افرحوا بعيدكم لتفسدوا عليهم عيدهم بقلم:محمد عبد الرحمن صادق

افرحوا بعيدكم لتفسدوا عليهم عيدهم بقلم:محمد عبد الرحمن صادق

قال تعالى : ” مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {2} ” ( فاطر 2 ) .
– وقال تعالى : ” قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ {58} ” ( يونس 58 ) .
– وقال تعالى : ” وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى {43} وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا {44}‏ ” ( النجم 43 – 44 ) .

– طالما أن الله تعالى هو الذي يُضحك فلا تكترث بالوضع أو بالحالة التي أنت عليها مريضاً أو مهموماً أو جريحاً أو مُطارداً أو سجيناً فستضحك وستفرح وستبتهج وتكون سعيداً مُنشرح الصدر مسروراً إذا أراد الله تعالى لك ذلك . وطالما أنه سبحانه وتعالى هو الذي يُبكي فلو كنت في القصور الفارهة والحدائق الغنَّاء والمال الوفير فستبكي بل سينفطر قلبك من البكاء إذا قدَّر الله تعالى لك ذلك .

– رحم الله ابن تيمية يوم قال : ” أنا جنتي وبستاني في صدري أنَّى اتجهت فهي معي لا تفارقني … أنا سجني خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة ” . وقال احد الصالحين : والله إنَّا في سعادة لو علمها أبناء الملوك لجالدونا عليها بالسيوف .
– وتذكَّرْ ما قاله الإمام عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه عندما دخل رجلٌ عليه في يوم عيد الفِطر، فوجده يأكل طعامًا خشنًا ، فقال له : يا أمير المؤمنين ، تأكل طعامًا خشنًا في يوم العيد !! فقال له الإمام عليٌّ كرم الله وجهه : اعلمْ يا أخي ، أنَّ العيد لِمَن قَبِل الله صومَه ، وغفر ذنبَه ، ثم قال له : اليوم لنا عيد ، وغدًا لنا عيد ، وكل يوم لا نعصى الله فيه فهو عندنا عِيد . وقال الحسن : كل يوم لا يُعصَى الله فيه فهو عيد ، وكلُّ يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه وذِكْره وشكره فهو له عِيد .
– أحبائي في الله : إن من ينظر لبعض بيوتنا ويتفقد أحوالها يجد في كل بيت من دواعي الهم والحَزَن ودواعي البكاء والألم ما لو وُزِّعت على أهل الأرض لكفتهم . فهذا البيت فيه مريض وذاك فيه غارم ، وآخر فيه شهيد وذاك فيه جريح وآخر فيه مُطارد وغيره فيه أسير إلى غير ذلك من أسباب الحُزن والبكاء بل والعويل . ولكنك إذا دخلت معظم هذه البيوت وجالست أهلها فلن تجد سوى الرضا والتسليم بل والفرح بقضاء الله وحُكمه في أهل هذا البيت . ولما لا ، وهؤلاء قد تربوا على مائدة القرآن . ولما لا ، وهم يعلمون جيداً أن تضحيتهم مأجورة ولن تضيع عبثاً . ولما لا ، وهم يستشعرون كلام النبي صلى الله عليه وسلم ( صبراً آل ياسر ) فإن موعدكم الجنة . ولما لا ، وهم يشعرون بأنهم معنيون ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا صهيب ( ربح البيع صهيب ، ربح البيع أبا يحي ) .

فالمسلم مأجور على كل ما يُصيبه إن احتسب ذلك بالنية الصالحة . ودليل ذلك ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسلم وغيره عن صهيب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” عجباً لأمر المؤمن ! إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيراً له ! وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيراً له ! وفي مسند أحمد من حديث أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” عجباً للمؤمن ! لا يقضي الله له شيئاً إلا كان خيراً له ” وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” ما يُصيب المسلم من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم ، حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه ” ( رواه البخاري ) .

1- فأسرة الشهيد وأهله فرحين بمنزلته عند ربه وببشارة النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيشفع في سبعين من أهله وبباقي البشارات .
2- الأسير والمُطارد وأهليهما فرحين بما يقدمونه من أجل نصرة دين الله ومن أجل الأمة ورفعتها وحريتها .
3 – والأرملة التي انقطعت لتربية أيتامها فرحة ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم بأنها ستزاحمه في دخول الجنة .
4 – ومن يكفل اليتيم ويسعى على الأرملة وينفق من ماله ليفك أسيراً أو يجهز مجاهداً في سبيل الله فرحاً بما بُشِّر به من أجر وثواب .
5 – ومن غبَّر قدميه أو جُرح في سبيل الله فرحاً مستبشراً بجزيل عطاء الله تعالى له .
6 – والمرابط في سبيل الله تعالى الذي لا يغير ولا يبدل ولا ينكث ولا يفرط فرحاً بأن ثبته الله تعالى على الحق .

– أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن السعادة أمراً معنوياً نسبياً ، فما يُسعد هذا ربما يُشقي ذاك . وما يجلب لهذا الفرح والسرور ربما يجر على غيره الحزن والأسى . وإن من تأمل السعادة في أسبابها وجد لديه الكثير منها ولكننا نغفل عما بين أيدينا ونبحث عما ينقصنا ونلهث خلفه فيشقينا فلا نتنعم بهذا ولا ندرك ذاك .

– روي أن أحد السلف كان أقرع الرأس أبرص البدن أعمى العينين مشلول القدمين واليدين وكان يقول : ‘ الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً ممن خلق ، وفضلني تفضيلاً ” فمر به رجل فقال له : مما عافاك ؟ أعمى وأبرص وأقرع ومشلول فمما عافاك ؟ فقال : ويحك يا رجل ؛ جعل لي لساناً ذاكراً ، وقلباً شاكراً ، وبدناً على البلاء صابراً .

– ابحث عن السعادة في المقابر تجد أنك حي تُرزق . انظر إلى من ضل الطريق وانكب على وجهه محروماً من رحمة الله تعالى تجد أنك تمشي على صراط مستقيم . اذهب إلى المستشفيات تجد أصحاب العِلل والأمراض والعاهات وأنت مُعافا في بدنك سليم الأعضاء …… الخ .

– إن طُمأنينة القلب والرضا بما قسمه الله تعالى من أعظم نعم الله على المؤمن ، وذلك أن سكون النفس واستقرارها هو الدافع للخير والشعور بالغبطة والسعادة ، وبقيمة الحياة وهدفها ، والثقة بالله ووعده ولذا كانت طُمأنينة القلب هي حصنه الحصين الذي يستعصى على الشياطين ، وذلك أن النفس المطمئنة والقلب الثابت الموصول بربه لا سبيل إلى زعزعته بإذن الله تعالى ” أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {28}‏ ( الرعد 28 ) .

ولله در القائل :
فليتك تحلو والحياة مريـرة وليتك ترضى والأنام غِضَاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خـراب
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب

وأخيراً : أود أن أقول لكل مبتلى : إنك في منحة من الله عز وجل تغبط عليها ، منحة يصطفي فيها من يشاء من عباده ويتخذ فيها من يشاء من عباده شهداء ويرفع فيها أجراً ويحط فيها وزراً ، في هذه المنحة نتعلم في مدرسة الصبر وجامعة الشكر، في هذه المنحة نكتسب زاداً نُربي به من خلفنا ليكونوا أصلب منَّا عوداً وأقوى منَّا عزيمة وشكيمة فلا يُؤتى الإسلام من قِبَلهم كما أنه لن يُؤتى من قِبَلنا إن شاء الله تعالى .

– افرحوا جميعاً بعيدكم وزينوا بيوتكم واملئوها بالفرحة وأنا لست بهذا الطلب أريد أن أجردكم من مشاعركم أو أخرجكم عن طبيعتكم البشرية ولكن لأن فرحكم هذا هو الرصاص الذي يكيد أعداء أمتكم .. فابتسامتكم أقوى من الرصاص في صدور جلاديكم ، فبفرحكم تُعكرون صفو عيدهم وتُفسدون فرحتهم فأنتم أحق بالفرح منهم وهم ما لهم إلا الهم والغم والحسرة والندامة .

* اللهم عليك بمن ظلم المسلمين .. اللهم عليك بمن خذل المؤمنين .. اللهم عليك بمن بغى على الموحدين .. اللهم عليك بمن سفك الدماء .. اللهم عليك بمن يتم الأطفال .. اللهم عليك بمن رمل النساء .. اللهم عليك بمن خرَّب بيوتك .. اللهم عليك بمن تطاول على دينك .. اللهم عليك بمن تطاول على نبيك .. اللهم عليك بمن تطاول على العلماء .. اللهم عليك بمن تآمر على أمن بلاد المسلمين … اللهم أهتك سترهم .. اللهم اقصم ظهورهم .. اللهم أرعب قلوبهم .. اللهم بدَّد مُلكهم .. اللهم عرضهم للفتن ما ظهر منها وما بطن .. اللهم خلِّص منهم البلاد والعباد .. اللهم انزع البركة من صحتهم ومن أموالهم .. اللهم اجعل صدورهم ضيقة حرجة .. اللهم ابتليهم من الأمراض ما لا شفاء لها .. اللهم اجعلهم لكل ظالم عبرة وآية .. اللهم لا تحقق لهم في بلاد المسلمين غاية .. اللهم لا ترفع لهم في بلادنا راية .. اللهم لا تجعل لهم على أهل الحق سبيلاً .. اللهم ائذن لشرعك أن يسود .. اللهم اجعلنا للحق جنود .. اللهم إنا نجعلك في نحورهم .. اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم .
اللهم استجب … اللهم آمين .

شاهد أيضاً

ترزي القوانين وتعديلات دستور العسكر!! كتبه عزالدين الكومي

“فتحي سرور” الذي تجاوز الثمانين من عمره، تاريخه معروف،فهو أحد أعضاء التنظيم الطليعى الناصرى، وبعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *