لا زالت الأزمة التي افتعلتها مع ، حديث وسائل الإعلام العربية والغربية، سيّما مع التصعيد في تصريحات المسؤولين السعوديين ورفضهم ما أسموه “التدخل في شؤون بلادهم”، في اشارةٍ إلى دعوة وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند، إلى الإفراج عمّن سمتهم “نشطاء المجتمع المدني” تم توقيفهم في المملكة.

 

وفي هذا الإطار، تلقي الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا حوالي سبعة آلاف طالب بالجامعات الكندية حول مستقبلهم، وهناك توقعات بأن يستمر التوتر في العلاقات بين البلدين لسنوات، كما أن أصداء الأزمة ستبقى فترة طويلة مستقبلا.

 

هذا ما ورد بصحيفة وول ستريت جورنال وموقع ذا ناشونال إنترست الأميركيين، إذ قالت الأولى إن كثيرا من الطلاب السعوديين مصابون بالصدمة نظرا إلى أن بعضهم ظل يدرس ويعيش بكندا لسنوات.

 

وأضافت وول ستريت جورنال أنه ورغم تأكيد وزير التعليم السعودي أحمد العيسى حرص الدولة على المستقبل الأكاديمي للجميع وتعهده بالنظر في كل حالة بمفردها إذا استدعى الأمر فإن أغلب هؤلاء الطلاب يخشون من إعادة ما درسوه بدولة أخرى.

 

وعن مصير الأزمة واحتمالات حلها أو استمرارها، قال موقع ذا ناشونال إنترست إنه وبدون دعم قوي من القوة العظمى الرئيسية بالعالم (الولايات المتحدة) لحقوق الإنسان، فمن السهل أن يرى الناس “القوى المستبدة” تتجرأ مثل تجرؤ الرياض على انتهاك حقوق مواطنيها وعلى الرد بمثل ما ردت على كندا.

 

ومع ذلك، قال الموقع إن هذه الأزمة تعبّر عن توجه واسع نحو سياسة خارجية هجومية من قبل السعودية منذ تنصيب وليا للعهد في يونيو/حزيران العام الماضي.

 

وأشار إلى أن ولي العهد ورغم تقديمه لنفسه كمصلح يعمل على تحديث بلاده ومسيطر على شؤونها، فإن موقفه الداخلي سيظل على المحك، لذلك من المرجح أن يستغل هذه الأزمة مع كندا لأغراض سياسية محلية.

 

وتوقع ذا ناشونال إنترست ألا تتصاعد الأزمة أكثر من توتر مستمر لسنوات في العلاقات الدبلوماسية، مشيرا إلى أن الرياض تتطلع في المقام الأول إلى توجيه رسالة بأن شؤونها الداخلية لا تعني أحدا غيرها، وقد أنجزت ذلك بالفعل.

 

متخوفون من رحلة العودة

 

ذكرت وسائل إعلام كندية أن مئات الحجاج المسلمين الكنديين يسارعون حاليا لمعرفة الطريقة التي سيعودون بها من الديار المقدسة عقب إعلان الخطوط الجوية السعودية وقف رحلاتها من وإلى أوتاوا، وذلك نتيجة الأزمة الدبلوماسية الحالية بين الرياض وأوتاوا.

 

ودعا المجلس الوطني للمسلمين الكنديين المسافرين على متن الخطوط السعودية بتاريخ العودة بعد 13 أغسطس/آب الحالي إلى الاتصال بالشركة السعودية، أو وكيل أسفارها لتقييم الخيارات البديلة للسفر ذهابا وإيابا قبل مغادرة كندا.

 

وأضاف المجلس في تغريدة بتويتر “نحث المسافرين على مراجعة منظمي رحلات حجهم للتأكد من ترتيباتهم لرحلات سفر بديلة، وذلك لأن تقارير تتحدث بأن عدم توفر حجز لرحلة العودة من السعودية قد يؤدي إلى منع المسافرين الكنديين من ركوب رحلات الذهاب، أو المنع من دخول الأراضي السعودية”.

 

وكانت الخطوط السعودية أعلنت عقب اندلاع الأزمة الدبلوماسية بين الرياض وأوتاوا تعليق رحلاتها لكندا ابتداء من الاثنين المقبل، وذلك بعدما طردت السعودية الاثنين الماضي سفير كندا لديها، واستدعت سفيرها في أوتاوا احتجاجا على ما اعتبرته الرياض “تدخلا صريحا وسافرا من كندا في الشؤون الداخلية للبلاد”.

 

ونقلت قناة “سي بي سي” الكندية قلق حجاج كنديين تجاه رحلة العودة من الأراضي المقدسة، إذ قال فشريزل حليم من مدينة تورنتو إنه لا يعرف كيف سيعود إلى بلاده، ويضيف أنه دفع كامل تكاليف رحلات ذهابا وإيابا وناهزت قيمتها 15 ألف دولار، ومن المفترض أن يعود عبر الخطوط السعودية في الثالث من سبتمبر/أيلول المقبل.

 

وبعد الاطمئنان على سفر ابنتها وصهرها بمطار تورنتو لأداء مناسك الحج، قالت الكندية سيما أتشا إنها منشغلة برحلة عودتهما، إذ لا تعرف كيف سيعودان. وتضيف أن وكالة الأسفار طمأنتها بأنها تدبرت أمر العودة من السعودية عن طريق أوروبا أو الولايات المتحدة، إلا أن الرحلة غير مؤكدة بعد.

وقالت شركة الأسفار “المدينة حاج ترافل” الكندية -التي تنظم رحلات حج للمئات عن طريق الخطوط السعودية- إن الأخيرة وعدتها بتوفير رحلات بديلة من خلال دبي أو أو دول أخرى، إلا أن مدير الرحلات بالشركة فايز يحيى قال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام كندية إن “تفاصيل الترتيبات ليست واضحة، لذلك لا يعرف العملاء حقيقة ما يتوقعونه”.

 

وأضاف يحيى أن شركته تلقت أكثر من مئتي اتصال من حجاج كنديين عبروا فيها عن قلقهم من رحلة عودتهم من السعودية.

 

ونقلت قناة “سي بي سي” عن جميل أحمد مدير الرحلات بشركة الأسفار “كينغ ترافل” في مدينة ميسيساغا القريبة من تورنتو جنوب شرقي كندا أن شركته أعادت الثلاثاء الماضي تكاليف السفر لنحو عشرين عميلا بعد شكوكهم برحلة العودة من السعودية.

 

ويقول عمر الغبرة المسؤول بإدارة الشؤون القنصلية بالخارجية الكندية إن “تكلفة رحلة الحج تصل إلى 15 ألف دولار كندي (11.5 ألف دولار أميركي) ومن ثم هناك مخاوف مشروعة”. وأضاف “الكثيرون يبدون قلقهم من ألا يستطيعوا الحج، وأن يفقدوا جزءا كبيرا من مبلغ حجز الرحلات، إن لم يكن المبلغ كله في حالة عدم السفر، ومن ثم يفقدون حلمهم بالحج، وكذلك يتحملون خسائر مادية”.

 

وتشير الإحصائيات الرسمية الكندية إلى أنه من 4 آلاف كندي من 84 ألفا سافروا عام 2017 إلى السعودية لاعتبارات دينية، في إشارة إلى الحج أو العمرة.