الرئيسية / المقالات / “مبادرة السفير معصوم”..هل ألقت حجرًا في مياه الانقلاب؟! كتبه عزالدين الكومي

“مبادرة السفير معصوم”..هل ألقت حجرًا في مياه الانقلاب؟! كتبه عزالدين الكومي

في ظل حالة سيولة المبادرات، والتي تنشط في الموسم الصيفى من كل عام مثل أوكازيونات الصيف، وقبل دخول موسم الشتاء ومرحلة البيات الشتوى، بزعم الحفاظ على المصلحة، أو الإفراج عن المعتقلين أو حقن الدماء، إلى ما هنالك من هذه المبررات التي باطنها فيه الرحمة وظاهرها من قبله العذاب.

وفى هذا التوقيت وقبل حلول الذكرى الخامسة لمذبحتى رابعة والنهضة، ظهرت مبادرة الجنرال السفير معصوم مرزوق، وبعيدا عن أن سعادة السفير كان مسئول حملة الكومبارس “حمدين صباحى”، محلل الانتخابات الرئاسية، ضد قائد الانقلاب، ومن أكبر الداعمين لأحمد شفيق، طرح مبادرة للخروج من الأزمة، ويطالب المعارضة بالاصطفاف مع قوى الخارج لنجاح المبادرة، ولفت نظرى لأول وهلة فكرة الاستفتاء على النظام الانقلابي.

وأنا بدورى أتساءل عن أي استفتاء يتحدث سيادة الجنرال السفير، وهل الذى لم يطق مرشحًا ضده من أبناء مؤسسة العسكر يقبل بالاستفتاء؟، ثم كيف يتم استفتاء في ظل نظام الانقلاب والنتيجة ستكون محسومة سلفا، فالورق ورقهم واللجان لجانهم، وقضاة جهنم معهم؟!

وعندما تصفّحت بنود المبادرة، انتابتنى حالة من الدهشة؛ لحالة التطبيل غير المسبوقة لهذه المبادرة، والتي لم تحظ بها أى مبادرة من مبادرات الأشعل ونافعة ومحيى الدين وسعد الدين إبراهيم والهلباوى وغيرهم، لكن سرعان ما زالت عنى حالة الدهشة بعدما أيقنت أن معظم المطبلين هم من شركاء الانقلاب والداعمين له، حتى ولو تزيّنوا بزي مساندة الشرعية ورفض الانقلاب!.

وقد لاحظت الآتى على مبادرة السفير الجنرال:

أولا: أن أحد بنود المبادرة ينص على أنه: فى حالة إذا ما سقط زعيم عصابة الانقلاب في الاستفتاء، يتم تشكيل مجلس رئاسى، وأن الذى سيتولى تشكيل المجلس الرئاسي هو مجلس القضاء الأعلى، والذى عينه قائد الانقلاب مكافأة له على أحكام الإعدام، التى أصدرها بحق الأبرياء والمظلومين.

ثانيا: لم تتعرض المبادرة لوضع الرئيس المنتخب، الدكتور محمد مرسي، لا من قريب ولا من بعيد.

ثالثا: لا تذكر المبادرة وضع القتلة وسفاكى الدماء من قيادات العسكر وجلاوزة الشرطة، ولا عن عقابهم ومحاسبتهم، ربما اعتمدت المبادرة على ما قام به قائد الانقلاب من تحصين لهؤلاء القتلة للإفلات من العقاب!.

رابعا: لاحظت أن هذه المبادرة كمثيلاتها من مبادرات سابقة، تحرص على التسوية بين الجلاد والضحية، حيث تنص فى البند السابع على أنه بمجرد بدء ولاية المجلس الانتقالي يتم إصدار قانون عفو شامل يتضمن تحصينا قضائيا كاملا لكل من تصدى لمهام الحكم والتشريع ما بعد 25 يناير 2011 وحتى بداية ولاية المجلس الانتقالي، مع تقنين لأحكام عدالة انتقالية في الحقيقة، والإفراج الفوري عن كل المحبوسين في قضايا الرأي، ومنح تعويضات عادلة ومجزية لكل ضحايا هذه الفترة، بواسطة لجنة قضائية مستقلة يحددها المجلس الأعلى للقضاء، وتعمل تحت إشرافه، وكأن المجلس الأعلى للقضاء الانقلابى قدرنا، وهو متورط في الدماء!.

خامسا: المبادرة في الجملة حق أُريد به باطل، لأنه لو فرضنا أن النظام الانقلابى وافق على المبادرة، بالتأكيد سيتم تزوير أي استفتاء عبر قطعان البلطجية وداخلية الانقلاب، وهى تتمتع بتاريخ طويل في تزوير إرادة الشعب، مع وجود قضاة جهنم الفاسدين المفسدين.

وفى حالة إذا ما رفض النظام الانقلابى المبادرة، يقول معالى السفير الجنرال: نعقد مؤتمرا شعبيا في التحرير، وكأن معالى السفير يعيش في كوكب غير كوكبنا، من الذى سيسمح لك بدخول التحرير لتعقد مؤتمرا شعبيا؟ هذا لا يعدو عن كونه مجرد وهم من أوهام المعارضة الكارتونية، التي مكنت للعسكر من الانقلاب على التجربة الديمقراطية في البلاد!.

خامسا: أعتقدُ أن مبادرة السفير الجنرال هي بمثابة طوق نجاة للعسكر، كما أنها ستعزز من إضفاء صبغة الشرعية للنظام الانقلابى، وسوف يؤيدها كل من شارك في جريمة ٣٠ يونيو من التيارات الإقصائية والتي فشلت فعليا في الشارع، لأنها سوف تحظر على الإخوان وقياداتهم الترشح أو المشاركة فى أي منصب سياسي طيلة عشر سنوات.

والسؤال للسفير الجنرال: هل يمكن أن يسمح العسكر لأحد بأن يطرح مبادرة دون موافقة المخابرات أو النظام الانقلابى على هذه المبادرة؟

وأخيرا: هل يمكن لقائد النظام الانقلابى أن يوافق على طرح فكرة الاستفتاء الشعبى وهو الذي اعتبر أن مجرد الترشح أمامه جريمة؟، فقد قام بإجراء انتخابات هزلية حصل فيها على نسبة ٩٧٪، وزجّ برئيس أركان العسكر في السجن، وكذلك العقيد أحمد قنصوة، وحدد إقامة أحمد شفيق، ولفّق بعض التهم لخالد علي، وهو المرشح المدنى الوحيد، وجاء بكومبارس مغمور ليقوم بدور المُعارض، هو موسى مصطفى موسى؛ لأن قائد الانقلاب يعلم أن ضمان بقائه واستمراريته فى السلطة هو الضمانة الوحيدة لعدم محاكمته وتسليم رقبته لحبل المشنقة!.

والطريف في الأمر أنه لا فرق بين قائد الانقلاب والسفير الجنرال؛ لأنه إذا كان قائد الانقلاب انقلب على الرئيس مرسى منذ خمس سنوات، باستخدام الغدر والخيانة وسذاجة النخبة، فإن السفير الجنرال يريد الانقلاب على الرئيس المنتخب لمدة 13 سنة مع سبق الإصرار والترصد!.

شاهد أيضاً

ترزي القوانين وتعديلات دستور العسكر!! كتبه عزالدين الكومي

“فتحي سرور” الذي تجاوز الثمانين من عمره، تاريخه معروف،فهو أحد أعضاء التنظيم الطليعى الناصرى، وبعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *