الرئيسية / المقالات / الدرر الغوالي من كتاب العالم سفر الحوالي كتبه رضا رشاد

الدرر الغوالي من كتاب العالم سفر الحوالي كتبه رضا رشاد

خرج إلى النور كتاب بعنوان ( المسلمون والحضارة الغربية ) للعالم الرباني الشيخ سفر الحوالي وهو من علماء المدرسية السلفية وإسمه الكامل هو سفر بن عبد الرحمن بن أحمد بن صالح بن غانم آل غانم الحوالي من الأزد من منطقة الباحة والتي تقع جنوب غرب السعودية – هو أحد علماء أهل السنة والجماعة، في السعودية و له حضور إعلامي وثقافي واجتماعي على الصعيد العربي والإسلامي، مواليد عام 1950

هذا الكتاب 3059 صفحة يعتبر مجلد وموسوعة وروعته في ربط الأمور الفقهية بالواقع المعاصر في سهولة ويسر ، وبيان حال الأمة ودور البعض من العلماء في صنع البلاء من الأمراء ، لذا فإن هذا الكتاب أثار ضجة كبيرة لأنه يحمل في طياته الكثير من الجديد في توقيته من حيث الطرح القديم في سبق طرحه ، هذا الجديد تحتاج إليه الأمة الآن في أمور عديدة في هذا التوقيت ، كما تميز بجرأته الشديدة في مناقشة واقع الأمة وضعف حكامها ، وكذلك الحال جرأته في الطرح المباشر دون مواربة .

الكتاب وضع تأصيل علمي لفكر الدعوة السلفية الصحيحة التي تتفق مع الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح ، الفكرة التي تتفق مع نهج الفاروق عمر ومع سيرة الإمام إبن حنبل وشيخ الإسلام إبن تيمية وتلميذه إبن القيم والشيخ العز إبن عبدالسلام ، مروراً بفكرة الشيخ محمد إبن عبدالوهاب وفكرة الشيخ الألباني وغيرهم من العلماء .

الكتاب نسف فكرة الطاعة العمياء للحكام وأوضح التدليس في التخريج والوضع والضعف والزيادة بعارتي ولو سلب مالك أو جلد ظهرك والحديث عن طاعة ولي الأمر ووجوبها في القرآن وفي السنة وارد في الصحيحين البخاري ومسلم ، ولكن الضعف في الزيادة بهاتين الجملتين في حديث حذيفة رضي الله عنه لانقطاع سندها

وبذلك الفكر الراقي من الشيخ سفر يتم التوافق بين القواعد الواردة في ولي الأمر وطاعته ، فليست هناك طاعة مطلقة إلا لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن أمر إنسان إنساناً آخر بمعصية فلا طاعة له، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}(النساء: 59)، قال الشنقيطي في “أضواء البيان”: “كرر الفعل بالنسبة لله وللرسول، ولم يكرره بالنسبة لأولي الأمر، لأن طاعتهم لا تكون استقلالًا، بل تبعًا لطاعة الله، وطاعة رسوله، كما في الحديث: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق”. وقال ذلك الامام والشيخ الشعراوي في تفسير نفس الاية ،وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على المرءِ المسلم السمْع والطاعة فيما أحبّ وكَرِه إلا أن يُؤْمَر بمعصية، فإن أُمِرَ بمعصية فلا سَمْع ولا طاعة) رواه مسلم.

الكتاب قام بالتعريف بالخوارج ، ونظرية الخروج على الحاكم وإساءة إستعمالها كفزاعة من علماء السلاطين ، وإستغلالها من قبل الحكام وركوبها وأصحابها مطية نحو أطماعهم وجشعهم ، مستخدمين خستهم وظلمهم وبطشهم ، و مُستَخدَمِين في ذلك من قبل أعداء الأمة ، والكتاب بإبطاله فكرة الخروج أبطل حجة أدعياء السلفية من المدخلية والجامية وأتباعهم وغيرهم ، ممن يدعون نسبتهم إلى السلفية زوراً والسلفية منهم براء ، فقد خانوا دماء وأعراض المسلمين ومكنوا الفجرة والقتلة والظلمة من رقاب العباد و مكنوهم من الفساد في البلاد ، وكانوا حجر عثرة أمام نهضة الشعوب وحريتها وكرامتها في البلاد العربية .

وقد أثبت الوقع العملي لهؤلاء أنهم يعملون بدعم واحد وفكر واحد وتوجيه واحد في وقت واحد ، موجهين من مصدر واحد ، وهذا العمل بعيد عن منهج الكتاب والسنة ، وذلك واضح من سريان فكرتهم الخبيثة وإنتشارها في الأمة الإسلامية بشكل واحد ، وتصدر منهم الفتاوى واحدة تبعاً لذلك ، ويتراجعون عنها كما حدث في فتاوى حرمة قيادة السيارات في السعودية ، وحرمة التصوير والإنتخابات والتليفزيون والتعامل مع الكنيسة والتعامل مع الشيعة وإيران في مصر ثم صارت كل هذه الفتاوى حلالاً عندما جائتهم التعليمات ، فهم يقولون الشئ ويفعلون نقيضه ولايردهم عن ذلك نص من كتاب أو سنة وبسبب ذلك تمكن الظلم والفساد والتخلف من جسد الأمة .
ناهيك عن الفرقة التي أصابت الكثير الشباب الذين كانوا مقبلين على الصحوة الإسلامية ، والتي كانت في أوجها في بداية الثمانينات فقد كانت تمتلئ المساجد بالمقبلين ، ثم تفرقهم وتصرفهم عن المساجد هذه الدعوات تحت إسم حماية العقيدة من البدعة ونشر العلم الشرعي وإثارة الخلافات في الأمور الخلافية بين العلماء والفروع من القضايا مثل هيئة سجود التلاوة والأناشيد الاسلامية والخل ،وترك الأصول بل والإنصراف المتعمد عنها ومحاربة من يتبناها ، مثل الظلم الذي يقع على الشعوب والإنتهاكات والقتل والسجن لعلماء الأمة وإنتهاكات الصهاينة لحقوق المسلمين في فلسطين والانتهاكات التي تحدث للأقليات المسلمة في انحاء العالم ، والغريب أنها كانت نسخة واحدة من أسباب الفرقة في المساجد والجامعات والتجمعات الفكرية والثقافية في المحافل والمؤتمرات فكانت أسئلة يتم صياغتها بصيغة واحدة وقد أشار الشيخ محمد الغزالي في محاضراته إلى هذه الأمور أكثر من مرة وكانت تتم بنفس الأسلوب في الكثير من الدول ، حتى إنصرفت الناس وإنصرف الشباب بعيداً عن الصحوة الإسلامية التي كانت كفيلة بتغيير وجه الأمة وحالها الآن ، ثم كان الإنقلاب في مصر الذي كشف سوئتهم علناً فتركوا أصل الدين كحرمة الدماء وحرمة المقدسات ولاتعلم الآن لهم مكان ولاتسمع لهم صوت .

الجديد في هذا الكتاب أن الشيخ في كتابه لم يكتف بالتنظير ، ولكنه وجه خطاب ونصيحة شديدة اللهجة لآل سعود ، ونسف فكرة قيام دولتهم و الفكرة التي يقوم عليها ملكهم وحكمهم وكشف جورهم وفسادهم ،وقد أكد ذلك عملياً بأن صدع بكلمة الحق في وجه أبناء سعود وهو يعلم حجم الأذى الذي يقع عليه وقد وقع بالفعل فقد تم إعتقاله وأهله جميعاً .

الكتاب عبارة عن رسالة كانت تتمناها شعوب الأمة منذ أمد بعيد من العلماء العاملين المخلصين إلى الأمراء الظالمين المجرمين مثل رسالة الإمام العز بن عبدالسلام إلى الحكام في وقته ، وفيها رد بليغ على من ترك حرمة الدماء وإنتهاك حرمات المسلمين وأعراضهم ويتكلم الآن في فقه تعدد الزوجات والحيض والنفاس ، في الوقت ينظر إليه العالم على أنه محدث بحديث رسول الله ، وهل لو كان رسول الله حياً صلى الله عليه وسلم كان يرضيه موقفه هذا ، هل يرضيه صلى الله عليه وسلم سكوته عن الدم والقتل والظلم والفساد والإستبداد ، الغريب أنه الآن ليس في مصر حتى يكون له عذر ، وحتى الآن لم يظهر له موقف واضح فصاحب الكتاب يرد على المحدث رداً عملياً رداً شافياً وافياً ، وقد طلبتها منه ومازال الأمل ينعقد أن ينطقها رحمة به وعلماً لمن حوله قبل يتعلقوا بعنقه يوم القيامة ويسألونه عنها ولن يشفع له خلافه مع الإخوان في السكوت عنها .

من البديهي أن الشيخ الحوالي كشف سوءة الكثير وأن كل من كشفت سوئته كل هؤلاء لن يتورعوا عن كل نقيصة وسيعلنوا الحرب الشعواء متحالفين مع وسائل الإعلام القذرة ولما لا وقد تحالفوا مع الكنيسة من قبل وأن كشف السوءة قد طال الأسياد الممولين كما طال الكثير من الأمراء والعلماء وأتباعهم .

ومن أهم الرسائل التي أتى بها الكتاب رسالة لكل مثقف غيور مخلص على دينه ، والرسالة هنا لاتعني أدعياء الثقافة السطحيين أو الموتورين أو من يعاني عقدة التهميش ، ويريد أن يكون في الصدارة حتى ولو من خلال المناخ السياسي الفاسد فيتواطئ مع النظام وهو يعلم أنه فاسد وهو ظالم وهو قاتل ، ويسول له شيطانه أنه سوف يحاول الإصلاح ، فينطلق بمعارفه السطحية رافض لكل فكرة ولو كان فيها الصلاح ، ويداري جبنه وخسته وراء السفسطة والفلسفة ، هو قد يكون لديه قدر من المعرفة ولكنها معرفة مشوهة لذا فإنه في تيه ، أثبت الكتاب خطأ الكثير في حكمه على أفكار الغير من كلام الغير عنه ، فهو لم يناقش من يختلف معه فكيف تحكم على غيرك وأنت لم تقرأ له أدبياته ، وتكتفى في ذلك بالمعلومات التي تأتيك من مصدر معلوم عنه الكذب والتلفيق ، أو إنعدام روح المنافسة الشريفة فالبعض يأخذ معلوماته من الإعلام والغريب أنه يعلم يقيناً بأنه كاذب وموجه ولكنه يكتفي بقول الغير عن الغير .

وقد يقرأ من يقرأ ولكنه يقرأ بعقلية المتحامل ،الذي كون فكرة مسبقة عمن يقرأ له أو عنه ، أو قراءة المتربص الذي يتصيد له الأخطاء ، كما يفعل المستشرقون في قرائتهم لكتب الشرق وأدبياته الإسلامية فيقع في عدم الإنصاف والحيدة دون أن يدري أو يدري ولكنه يشفي بذلك غله .
هكذا تم تشويه فكر الإمام البنا ،ومن نحسبه شهيداً أديب الشهداء سيد قطب ،ومن قبلهم الإمام رشيد رضا هكذا كل فكر إصلاحي يربط الدين بالحياة السياسية أو الإقتصادية أو الإجتماعية ، أو شأن من شئون الحياة الدنيا عامة لأنه يدق لدى المجرمين ناقوس الخطر بمشاركتهم في ملكهم أو ينذرهم بخلعهم منه، لذلك يتم إعلان الحرب عليهم وعلى أفكارهم حتى بعد موتهم وهاهو الإعلام يشن الحملة الشعواء على كلام الإمام الشيخ الشعراوي لأنه سبق الحوالى بقوله لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق أثناء تفسير الرائع لقول الله تعالى وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ويتهونه بالخيانة لأنه أثنى على تفسير الظلال للشهيد سيد قطب وهي الحرب في تونس على أفكارالإمام الطاهر إبن عاشوروكل من ينادي بصوت إصلاحي وكل من ينادي بتطبيق الشرع في مصالح البلاد والعباد ، إنها دعوة الإصلاح القديمة في أقلام وسلوك هؤلاء الحديثة في كتاب العالم سفر الحوالي ولكنه إشترك مع البنا وسيد قطب والشيخ أحمد ياسين في تقديم النموذج العملي ودفع الثمن من حريته وحرية أولاده وقد تكون من حياته .

هي ذات الفكرة التي يوجد من أجلها الآلاف بل الملايين من المعتقلين في سجون الطغاة وقتل من أجلها من قتل فعلينا أن نقرأ بعين الباحثين عن الحقيقة كما فعل الصحابي الجليل سلمان الفارسي لا بعين المتربصين كالمستشرقين .

وحتى نستطيع تقييم الفكرة جيداً علينا بقراءة فقه العمل الجماعي وكونه ضرورة بشرية وفريضة شرعية لأن بغياب هذه الرؤية أصبحت الأمة في تيه وأصبحت النخب المخلصة من المثقفين كل يصرخ في واد ولا يجد لنفخه صدى ولن نعدم الأدبيات والرسائل العلمية التي تناولت هذا الموضوع ومن أفضل ماكتب في هذا الباب رسالة ماجستيربعنوان الطريق إلى (جماعة المسلمين ) للدكتور حسين بن جابر ومن القدر الجميل أنه أيضاً سعودي فهو يرى في هذه الرسالة العلمية أن هناك حالة من التسيب التي يعيشها طلبة العلم، والدعاة إلى الله تعالي بعدم الإنضمام إلى العمل الجماعي في الأمة، لعدم إقتناعهم بالجماعات الإسلامية العاملة في ميدان إقامة جماعة المسلمين ويقدم رؤية ناقدة لعلاج هذا الأمر ورؤية لتوحيد الجهود تحت راية واحدة فكلها جماعات مخلصة تعمل لعودة نهضة الأمة ولكن الإختلاف في الوسيلة فعلينا العمل على توحيد هذه الجهود بعد المعرفة والإيمان بضرورتها وشرعيتها ودعوة كل رموز هذه الحركات والجماعات لتوحيد الجهود حتى نتعجل نهضة الأمة ساعتها فقط سوف يزول الطغاة وأعوانهم في الداخل والخارج لأن الوحدة تقهر الحديد .

ولكن علينا قبل البحث والقراءة للمعرفة الصادقة التي تتعدى الثقافة والتنظير علينا بالتجرد والنية الخالصة بأن تصل للحق إرضاءاً لله سبحانه وتعالى والأصل أنك تنشد الحق وتطلبه ولما لا فقد طلبه مبعوث الحق من قبلنا جميعاً صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح فقد ورد عن السلف دعائهم ” اللهم أرني الحق حقاً وارزقني إتباعه ، وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه ”

وقد جاء نظير هذا الدعاء من السنة المطهرة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته في قيام الليل: ((اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )
صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم 770.
نسال الله لنا لكم الهدى والتقى والسداد والبصيرة

شاهد أيضاً

ترزي القوانين وتعديلات دستور العسكر!! كتبه عزالدين الكومي

“فتحي سرور” الذي تجاوز الثمانين من عمره، تاريخه معروف،فهو أحد أعضاء التنظيم الطليعى الناصرى، وبعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *