الرئيسية / الاخبار / أخبار عامه / وسط مخاوف عربية.. إلى أين تتجه الحرب التجارية بين واشنطن وبكين؟

وسط مخاوف عربية.. إلى أين تتجه الحرب التجارية بين واشنطن وبكين؟

حرب تجارية بين أمريكا والصين، أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم بدأت بتفعيل الولايات المتحدة قرار فرض رسوم جمركية على واردات الصين.

 

لترد بعدها بقليل بكين بأنها مستعدة لدفع “أي ثمن” وفرضت هي الأخرى رسوما مماثلة على المنتجات الأمريكية، متهمة واشنطن بإطلاق شرارة “الحرب التجارية“.
وتوقعت وكالة “بلومبرغ” الاقتصادية، في تقرير لها، أن تكون المكسيك هي الرابح الأكبر من الحرب التجارية المندلعة بين بكين وواشنطن، فيما أبدت دول عربية تخوفاً من تأثر الاقتصاد العالمي.

 

بدأت الولايات المتحدة أمس فرض رسوم جمركية على وارادت صينية، بنسبة 25% على بضائع صينية تبلغ قيمتها 34 مليار دولار، كدفعة أولى من رسوم تستعد الولايات المتحدة لفرضها على الصين بقيمة 50 مليار دولار.

 

وكانت أبرز المنتجات التي فُرض عليها رسوم الحديد والصلب والألومنيوم.

 

ولم تنتظر الصين كثيرًا حيث قررت هي الأخرى فرض رسوم مماثلة بنسبة 25% على 545 منتجًا أمريكيًا بقيمة تبلغ أيضًا 34 مليار دولار، ضمنها منتجات زراعية كالفول الصويا والسيارات.

 

 

منذ انتخاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وهو يتبع سياسة حماية للبضائع الأمريكية، من خلال تشجيع عملية التصنيع في بلاده وفتح سوق العمل، وهو ما دفعه بلاده للإعلان عن فرضها رسوما على الواردات الأمريكية من الحديد والصلب والألومنيوم بهدف حماية الصناعة المحلية في مارس الماضي.

 

كما يهدف ترامب إلى تقليل العجز التجاري بين بلاده وبين الصين حيث تستورد أمريكا من الصين أكثر ما تُصدر لها.

 

وفي المقابل تريد الصين أن تحافظ على مصالحها التجارية، لتستمر على عرش أكبر الدول المصنعة في العالم، حيث أن لديها خطة تحت اسم “صنع في الصين”، لتصدر قائمة الدول في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

 

وقال ترامب إن الرسوم تهدف إلى وقف “نقل التكنولوجيا الأمريكية غير العادل، وحقوق الملكية الفكرية إلى الصين” وحماية الوظائف، بحسب ما ذكرته بي بي سي.

 

يقول تشن في شيانغ، أستاذ الاقتصاد بجامعة جياو تونغ ، لرويترز “يمكننا القول بأن الحرب التجارية بدأت رسميا… إذا انتهى هذا عند 34 مليار دولار، فسيكون له أثر محدود على الاقتصادين، لكن إذا تصاعد إلى 500 مليار دولار مثلما قال ترامب فسيكون له أثر كبير على البلدين”.

 

وهدد الرئيس الأمريكي بمد الرسوم لتصل قيمتها 500 مليار دولار، وهي قيمة صادرات الصين لأمريكا.

 

وبحسب بنك أوف أمريكا ميريل لينش في مذكرة له أمس “تفترض توقعاتنا الأساسية تصعيدا متوسطا فقط في الحرب التجارية خلال الصيف الجاري… لكن لا يمكننا أن نستبعد حربا تجارية شاملة تقود إلى كساد”.

 

وقالت وزارة التجارة الصينية إن بكين أقامت دعوى بمنظمة التجارة العالمية ضد الولايات المتحدة بشأن فرض رسوم جمركية على الواردات.

 

وأجلت بعض الموانئ الصينية تخليص بعض البضائع القادمة من الولايات المتحدة وفقا لما ذكرته أربعة مصادر أمس لرويترز.

 

وقالت المصادر إنه لا يبدو أن هناك أي تعليمات مباشرة بوقف الشحنات، لكن بعض إدارات الجمارك تنتظر توجيها رسميا بشأن فرض المزيد من الرسوم الجمركية.

 

ويتوقع تقرير نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أمس، نقلته عن مستشار بالبنك المركزي الصيني أن تسبب الرسوم الأمريكية في تقليص النمو الاقتصادي الصيني بمقدار 0.2%.

 

ستؤدي هذه الرسوم إلى ارتفاع أسعار السلع والبضائع عالميًا، بحسب ما ذكره موقع بي بي سي.

 

وقالت بي بي سي “ببساطة إذا كنت تستعمل جهاز أيفون، فهذا الهاتف صمم في أمريكا وجمع في الصين ومكوناته تأتي من اليابان وكوريا الجنوبية، وإذا فرضت الولايات المتحدة رسومًا عليه فإن كل هذه الدول ستتأثر وسيتوجب عليها تغطية النفقات العامة، مما يعني أن سعر الهاتف سيرتفع”.

 

وستكون أكثر الدول المتضررة، التي تعتمد على السلع المستوردة أو التي تستخدم مكونات خام مستوردة.

 

أسلحة الصين

1- معاقبة الشركات

تعتبر المنتجات الأمريكية وسيلة ضغط محتملة بيد بكين، على سبيل المثال يعتبر هاتف “آي فون إكس” وسيارات بيويك إيكسيل ومقاهي ستارباكس وإنتاجات هوليوود من الأفضل مبيعا في الصين.

 

وقال المحلل لدى “أوكسفورد إيكونوميكس” لويس كويجز إن” بكين تملك أسلحة محدودة على صعيد تدابير الرد الجمركية، لكن بإمكانها فرض تدابير أخرى متعددة على الشركات الأمريكية العاملة في الصين، من خلال تشديد الرقابة الصحية والأمنية والمالية وتأخير حركة الاستيراد أو تنظيم مقاطعة”.

 

وتستهدف الجمارك الصينية منذ أيار لحوم الخنزير والسيارات الأمريكية وقد أعلنت عن تشديد عمليات الكشف عليها.

 

 

2- مقاطعة

 

تعول الكثير من الشركات الأمريكية على الصين، وبينها جنرال موتورز التي تبيع سيارات في الصين أكثر مما تبيع في أمريكا الشمالية. وبإمكان بكين الإضرار بمبيعاتها من خلال ضرب صورتها في السوق الصينية.

 

وقال مارك ويليامز من “كابيتال إيكونوميكس” إن بإمكانها أن تفعل ذلك من خلال “مجرد حملة دعائية، وقد أثبت ذلك في ما مضى فاعليته وسرعة تأثيره”.

 

وذكر المحلل بأن الحملات ضد اليابان عام 2012 أو ضد كوريا الجنوبية العام الماضي “أدت إلى انهيار بنسبة 50% في مبيعات السيارات من هذين البلدين خلال شهر واحد”.

 

واضطرت شركة “لوتي” الكورية الجنوبية للتوزيع بعدما قاطعها المستهلكون الصنيون واستهدفتها تدابير إدارية عدة، إلى إغلاق حوالى 75% من فروعها في الصين، بعدما أثارت غضب بكين بمنحها سول أرضا لنشر أجزاء من الدرع الصاروخية الأمريكية.

 

3- 1200 مليار دولار دين أمريكي

 

تعتبر الصين التي تملك احتياطات هائلة من العملات الأجنبية، الطرف الدائن الرئيسي للولايات المتحدة (حوالى 1200 مليار دولار). وذكرت وكالة بلومبرغ في يناير أن مسؤولين صينيين أوصوا بإبطاء أو تعليق عمليات شراء سندات الخزينة الأمريكية.

 

غير أن ذلك ينطوي على خطورة لبكين، لأن أي زعزعة لاستقرار الأسواق قد تنعكس سلبا على قيمة سندات الخزينة والدولارات التي تملكها هي نفسها، لا سيما وأن الأصول البديلة التي يمكن الاتجاه إليها نادرة.

 

الرابح

 

توقعت وكالة “بلومبرغ” الاقتصادية، في تقرير لها، أن تكون المكسيك هي الرابح الأكبر من الحرب التجارية المندلعة بين بكين وواشنطن.

 

وأوضحت “بلومبرغ” أن المكسيك تملك الفرصة لتصبح أكبر مصدر لأجهزة التلفزيون المسطحة إلى السوق الأمريكية، حيث أن هذه الشاشات تندرج ضمن آلاف المنتجات الصينية، التي تستهدفها الرسوم الجمركية المقترحة من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

 

وفي نفس الوقت، يمكن للمزارعين المكسيكيين أن يحتلوا مكان منافسيهم الأمريكيين في سوق لحوم الخنزير الصينية، التي تعد أكبر الأسواق في العالم، وذلك بعد أن فرضت بكين رسوما جمركية إضافية على 106 من السلع الأمريكية المستوردة، ومنها اللحوم.

 

واشترى المستهلكون الأمريكيون العام الماضي من الصين شاشات بقيمة 3.9 مليار دولار، ويقول المحلل في “بلومبرغ إنتليجنس” كاتلين ويبر إن حصة المكسيك في سوق الشاشات بأمريكا ستنمو بسرعة على حساب الصين، في حال طبقت إدارة ترامب التعريفات الجديدة ضد المنتجات الصينية.

 

كذلك لدى المكسيك فرصة للتمدد في السوق الصينية للحوم الخنزير، بشرط أن تنجح في إبرام اتفاق سريع مع الصين بشأن تزويدها بمنتجات هذه اللحوم.

 

تخوفات عربية

وصفت صحيفة الوطن الكويتية الصراع بين أمريكا والصين بـ”الهزة العالمية”، وقالت الصحيفة إن الدولتين أصبحتا “على خط النار” وإن ذلك “علامة على بدء حرب تجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم”.

 

وحذرت صحيفة الخليج الإمارتية من أن “الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ترجم تهديداته باستهداف واردات بلاده من الصين إلى واقع ملموس، بعد أن دخلت الرسوم الأمريكية الجديدة على واردات من الصين حيز التنفيذ … ما ينذر بانطلاق حرب تجارية بين ترامب والصين، رغم مخاوف الشركات والمستثمرين، لاسيما بعد أن ردت بكين بإجراءات انتقامية مماثلة”.

 

وأشار بيار عقيقي في صحيفة العربي الجديد اللندنية إلى “اعتماد مبدأ ‘الحرب التجارية‘ نوعاً متجدداً من الحروب بين الأقطاب العالمية، وهي على عكس حروب العقوبات المتبادلة أو الحرب الباردة، تبدو متحرّكة. فالمال عنصر غير ثابت، وتقلّب الأسعار يتأثر حكماً بأي فرضٍ لرسوم وضرائب”.

 

ورأى الكاتب أن الحالة الأمريكية ـ الصينية هي “الأولى من نوعها تاريخياً، خصوصاً بهذه الكمية الهائلة من الأموال. ومن شأن هذا النوع من الحروب أن يضاهي ‘الحرب الإلكترونية’ ضراوةً”.

 

وفي انتقاد واضح لسياسة واشنطن، حذرت صحيفة رأي اليوم اللندنية في افتتاحيتها من أن “ترامب وعِصابة ‘قطّاع طرق’ التي يقودها تفَجِر أكبر حرب تجارية في تاريخ العالم الاقتصاديّ.. وتتبنى سياساتٍ ‘حمائية’ تُهدّد بِكسادٍ وانهيارٍ عالمي”.

 

وأضافت الصحيفة: ” حرب الرئيس ترامب التجارية هذهِ لا تستهدِف الصين وحدها، وإنّما معظَم حلَفاء أمريكا في أوروبا وكندا والمكسيك وأمريكا الجنوبية ممّا قد يُؤدي إلى فَوضى تقود إلى انهياراتٍ اقتصاديّة في القارّات الخَمس… الرئيس الأمريكي يَتصرَّف مثل الثور الهائِج يضرب يمينًا ويسارًا ممّا يُهدد بتَدمير المَنظومة الاقتصاديّة العالميّة وقوانينها”.

 

سياسة “متهورة”

في سياق متصل، كتب فهد المضحكي في صحيفة الأيام البحرينية: “عند الحديث عن حرب ترامب التجارية ليس مع الصين فقط بل العالم لابد من التوقف عند شعار ترامب الانتخابي ‘أمريكا أولاً’ ويعتقد بعض المحللين أن تفعيل هذا الشعار، وبالأحرى تنفيذه على أرض الواقع يعتمد على سياسة واشنطن الأمنية والاقتصادية – الأولى تعزيز النفوذ العسكري الأمريكي في العالم من بينه الشرق الأوسط والأخرى فرض الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة، كل ذلك يصب في تقوية الاقتصاد الامريكي”.

 

من جانبه، وصف أحمد عبد التواب في صحيفة الأهرام سياسة ترامب بـ”المتهورة” وبأنها أتاحت “فرصة للصين لأن تسعى للعب في العلاقة الخاصة التي تربط أمريكا بأوروبا في حلف كان يبدو أكثر قوة وتماسكاً”.

 

وأضاف الكاتب: “عرضت الصين أن يصدر بيان واضح، من القمة الأوروبية الصينية، التي سوف تنعقد في 16 و17 من الشهر الحالي، يعلن موقفاً صريحاً من الصين وأوروبا ضد القرارات المتلاحقة التي تتخذها إدارة ترامب… لما بدا للصينيين أن الأوروبيين لا يتحمسون إلى اتخاذ موقف علني حاسم ضد أمريكا، راحت الصين تحمسهم بإغراء منحهم تسهيلات استثمارية وتجارية كانوا يأملون فيها”.

 

بالمثل، أشارت صحيفة الغد الأردنية إلى أنه “على الرغم من التحذيرات من تأثير الرسوم على الولايات المتحدة، إلا أن ترامب يعتقد أن الاقتصاد الأمريكي يمكنه الخروج فائزاً من هذه المعركة… في المقابل تعتبر الصين أن اقتصادها قادر على تخطي الأزمة بالتركيز على الطلب المحلي وتخفيف الاعتماد على الصادرات”.

 

 

ما هي العواقب؟

 

ويحذر الخبراء منذ أشهر من أضرار محتملة لمواجهة تجارية مماثلة ليس فقط على صعيد الاقتصاد الأمريكي بل أيضا على صعيد الاقتصاد العالمي.

 

وكانت المؤسسات الأمريكية أبلغت الاحتياطي الفيدرالي بأنها بدأت تشعر بوطأة الرسوم من خلال زيادة في الأسعار و”تراجع أو إرجاء في مشاريع الاستثمارات بسبب القلق المحيط بالسياسة التجارية”، بحسب ما أعلن المصرف المركزي الأمريكي أمس الخميس في خلاصة اجتماعه الأخير في يونيو الماضي.

 

إلا أن الرئيس الأمريكي تجاهل تلك التحذيرات في تغريده يوم الثلاثاء كتب فيها أن “الاقتصاد “لربما في أفضل حالاته” حتى “قبل تعديل بعض أسوأ الاتفاقيات التجارية وأكثرها اجحافا التي تبرمها أي دولة على الإطلاق”.

 

كما أعلن وزير التجارة الأمريكي ويلبور روس أن التوقعات بتباطؤ النمو الأمريكي “مبكرة وعلى الأرجح غير دقيقة”.

 

في الجانب الصيني، أعلن مسؤول من المصرف المركزي الصيني أن “الحرب التجارية ستؤدي إلى تباطؤ نمو إجمالي الناتج الداخلي الصيني بـ 0,2%” في 2018، إلا أنه اعتبر أن أثر الضرائب الأمريكية سيكون محدودا على الاقتصاد الصيني.

 

وقالت وزارة التجارة الصينية إن بكين أقامت دعوى ضد الولايات المتحدة بشأن فرض رسوم جمركية على الواردت.

شاهد أيضاً

الأمم المتحدة: الوضع في ليبيا غامض وقلقون بشأن المدنيين المحاصرين بمحيط طرابلس

أعربت الأمم المتحدة عن قلقها تجاه المدنيين المحاصرين في مناطق الاشتباكات بمحيط العاصمة الليبية طرابلس، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *