الأردن بلد صغير في مساحته وسكانه الذين لا يتجاوزون ستة ملايين نسمة، ومصر بلد كبير، وعدد المصريين أوشك أن يبلغ المائة مليون نسمة، ومع ذلك تجد بين البلدين سمات مشتركة كثيرة.. كلاهما يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة وارتفاع الأسعار، وحاكم يملك سلطات مطلقة، ومخاطر كبرى تتربص بالدولتين.
فالأردن صاحب موقع حساس جدا يقع في قلب الأحداث، وتحيط به دول مضطربة وهي سوريا والعراق وفلسطين المحتلة.
وفي هذا البلد الشقيق صدرت قبل أيام قرارات ترفع أسعار البنزين والعديد من السلع الأساسية، وتفرض ضريبة إضافية على الدخل!. وتتميز الأردن بأن فيها مجتمعًا مدنيًّا قويًّا وحيويًّا يتكون أساسًا من النقابات المهنية والعشائر.
واتفق هؤلاء على رفض تلك القرارات ونزلوا إلى الشوارع، وكانت المظاهرات الصاخبة تبدأ في عمان والمدن الأردنية الكبرى بعد الإفطار وصلاة العشاء وتستمر إلى ما بعد منتصف الليل، واستمرت التظاهرات السلمية ما يقرب من أسبوع، ولم يسقط فيها قتيل واحد، وبعدها تدخل الملك، واضطرت الحكومة إلى تقديم استقالتها، وتم تعيين خبير سابق بالبنك الدولي ووزير بالحكومة المستقيلة رئيسا جديدا للوزراء، وبدأ في وضع خطة حول كيفية مواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة دون أن يكون الضحية هو المواطن البسيط الذي كان شعاره في التظاهرات “أنا عايز أعيش.. معنديش”، والخطة الجديدة سيشارك في وضعها المجتمع كله.
وقد اعترف النظام الحاكم بأنه أخطأ؛ لأن القرارات التي أثارت غضب الناس جاءت من فوق، ولم تعرض على المجتمع المدني قبل إقرارها، وشعب الأردن الذي أسقط قرارات غلاء الأسعار جدير بكل احترام وله مني مليون تحية!، أما “عبد الله الثاني”، ملك الأردن، فلست من المعجبين به أبدًا، لكنه في هذا الموقف يستحق “تعظيم سلام”.. أليس كذلك؟