الرئيسية / الاخبار / أخبار عامه / “الوراق”.. الجزيرة التي يرفض سكانها الاستسلام لـ”الكفيل”!

“الوراق”.. الجزيرة التي يرفض سكانها الاستسلام لـ”الكفيل”!

يبدو أن الكفيلين الإماراتي والسعودي يتعجلان استلام الأملاك التي قرر قائد الانقلاب بيعها لهما على حساب الشعب المصري المغلوب على أمره. فبعد انتهاء ميليشيات الانقلاب من تسوية منطقة مثلث ماسبيرو بالأرض وإنجاز مهمة طرد أهلها بالقوة من منازلهم التي يحتفظون فيها بالذكريات والأمل، بدأت في التجهيز لتنفيذ نفس المهمة في جزيرة الوراق التي استعصت عليهم منذ فترة؛ بسبب بسالة أبنائها في الدفاع عن موطن أجدادهم ومرفأ ذكرياتهم.

ومن الواضح أن التعليمات قد صدرت بإخلاء تلك المنطقة الحيوية بأي وسيلة، دون النظر إلى مصالح المواطنين، طالما ستدر الصفقة المزيد من الدولارات على خزائن الانقلاب التي تتسول بعد أن انتهت المنح الخليجية المجانية وبدأت مرحلة “سلمني أسلمك”.

تتجاوز مساحة أرض الوراق 1600 فدان، ويعيش فيها أكثر من 100 ألف مواطن، موزعين على أكثر من 400 عائلة كبيرة، ويؤكد الأهالي أن وسائل إعلام الانقلاب تردد مجموعة من الأكاذيب حول الجزيرة لإقناع الرأي العام بصحة قرارات التهجير والإخلاء. لافتين في هذا الإطار إلى أن مساحة الأراضي التي يسكن عليها الأهالي عليها لا تتجاوز ٢٠% من الجزيرة، وأن المساحة الباقية ١١٠٠ فدان، من أجود الأراضي الزراعية في مصر، وأن أراضي الدولة والأوقاف في الجزيرة لا تتعدى ٥٠ فدانا، معظمها مقنن وعليها منازل قائمة منذ أكثر من ٥٠ عاما .

وأضاف الأهالي أن جزيرة الوراق توجد بها ٣ مدارس، ووحدة صحية، وجمعية زراعية، ووحدة بيطرية، ومقر لهيئة البريد، ونقطة شرطة، ومحطتان لمياه الشرب تابعة للدولة، ووحدة محلية، وجمعية تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، ومركز شباب، وتحتاج الخدمات فيها إلى التطوير لصالح الأهالي وليس على حسابهم.

وكشف الأهالي عن أن النهب المنظم للجزيرة يتم لصالح الإمارات مقابل دعمها الانقلاب، وبيزنس مع الجيش، فبالتزامن مع الأزمة، ظهرت معلومات تفيد بوجود مخطط جاهز أعدته شركة RSP الهندسية “لتطوير جزيرة الوراق”، وصرح “رانجان كريشنان”، مسئول التسويق بالشركة، لمحطة BBC، بأن الشركة وضعت تصميم تطوير الوراق بالفعل بناءً على طلب “أحد العملاء”، وترددت معلومات أن “العملاء” المقصودين هم رجال أعمال من الإمارات.

اقتحام وإصرار متبادل

ويؤكد الأهالي أن تهديدات قائد الانقلاب لهم لم تتوقف، ومنها تهديدهم بالطرد في أحد المؤتمرات يوم 7 يونيو 2017، حين أشار إلى أن “فيه جزر موجودة في النيل.. هذه الجزر طبقا للقانون المفروض ميبقاش حد موجود عليها، يا إما محميات طبيعية.. يا إما مش مسموح لحد يكون موجود عليها”.

وتابع “ألاقي مثلا جزيرة موجودة في وسط النيل مساحتها أكتر من 1250 فدان، وابتدت العشوائيات تبقى جواها وناس تبني.. علشان كده لو سمحت الجزر اللي موجودة دي تاخد الأولوية في التعامل معها، أنا بقول الكلام ده”.

ولم تكذب ميليشيات الانقلاب الخبر؛ فشنت هجوما عنيفا ضد أبناء الوراق لإجبارهم على الخروج، حيث قوات الشرطة والجيش الجزيرة، لإزالة 700 منزل في يوليه 2017، وتصدى لهم الأهالي وسقط منهم قتيل، وأصيب 37 شخصا، واعتقل العشرات من سكان الجزيرة، واضطرت “الحملة” إلى التراجع، وتأجيل القرار إلى أجل مسمى يعرفه قائد الانقلاب وكامل الوزيري، الذي التقى الأهالي عدة مرات لمحاولة إقناعهم بالاستسلام، دون جدوى.

حيث لم يتغير موقف سكان الوراق، وكرروا التأكيد أنهم ولدوا على هذه الأرض، ولن يتركوها حتى يموتوا فوقها، رافضين اعتبارها محمية طبيعية، ومشددين على أن ذلك الادعاء يستهدف إجبار المواطنين على الخروج من أراضيهم لصالح الكفيل الإماراتي، كما أشاروا إلى إصرارهم على عدم مغادرة منازلهم مهما كانت التضحيات.

صرخات واستغاثات وإصرار المواطنين لا تتوقف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها صفحة “جزيرة الوراق” التي أصبحت وسيلتهم الوحيدة للتعبير عن رأيهم، في ظل تعمد وسائل إعلام الانقلاب تجاهل قضيتهم لصالح الانقلاب الذي لا يعرف للمواطنين حقوقا ويعتبرهم عالة على الحكومة، ويجب عليهم الإذعان لكل ما تقرره تلك الحكومة.

نقل التبعية

بعد الانتهاء من “مثلث ماسبيرو”، تفرغت حكومة الانقلاب لجزيرة الوراق، وفي محاولة للإجهاز على مقاومة سكان الجزيرة وافق مجلس وزراء الانقلاب، يوم 18 إبريل 2018 على استصدار قرار “جمهوري” بنقل تبعية جزيرة الوراق إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة؛ تمهيدا لـ”البدء في تنفيذ مخطط تنمية وتطوير الجزيرة، بالتعاون بين الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة”.

وقبل أيام، أصدر رئيس وزراء الانقلاب قرارا بإنشاء مجتمع عمراني جديد على أرض جزيرة الوراق “يتبع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وتمارس الهيئة فيه جميع الاختصاصات المخولة لها على أراضى المجتمعات العمرانية الجديدة”. بما يعني أن حكومة الانقلاب تعتبر الجزيرة فارغة ولا ترى الآلاف الذين يسكنون عليها.

سيناريو خداع الأهالي

من جهته يؤكد الكاتب الصحفي قطب العربي، نائب رئيس المجلس الأعلى للصحافة السابق، أن سلطة الانقلاب يبدو أنها مصممة على نزع ملكية جزيرة الوراق وتشريد أهلها تحت دعاوى تطويرها وإعادة بنائها وتجهيزها للاستثمار، لافتا إلى أن هذه النقطة الأخيرة هي مربط الفرس في هذه الأزمة.

وأضاف العربي، أن عصابة الانقلاب تورطت بالفعل في إبرام اتفاقات سرية مدفوعة مقدمة وغير معلنة مع مستثمرين إماراتيين وخليجيين وقد قبضت مسبقا بالفعل؛ ولذا فهي مطالبة بتسديد الثمن ودفع الفواتير أولا بأول.

وأوضح أن سلطة الانقلاب ستحاول خداع سكان الجزيرة بأنها ستوفر لهم مساكن بديلة لحين إعادة التعمير والتطوير وإعادتهم مرة أخرى، ولكن هذه الخديعة لن تنطلي على أبناء الجزيرة بعد أن شاهدوا نماذج سكان مثلث ماسبيرو وغيرهم ممن فقدوا بيوتهم وأصبحوا في الشارع.

وألمح إلى أن أبناء الجزيرة سيجدون أنفسهم مشردين ومطالبين بتسديد مبالغ كبيرة كإيجار لهذه الوحدات السكنية الجديدة إذا ما تم تسليمهم وحدات؛ تماما مثل سكان حي الأسمرات الذين تعهدت لهم حكومة الانقلاب بمساكن بديلة ثم فوجئوا بمطالبتهم بدفع مبالغ باهظة مقابل الاستمرار، أو الطرد في الشارع.

وحذر “العربي” من خطورة تدخل الجيش في هذا الأمر، واستخدام الهيئة الهندسية للقوات المسلحة كفزاعة لأهالي الجزيرة من قبل الانقلابيين، ما ينذر بوقوع مذبحة جديدة لأهالي جزيرة الوراق لصالح الكفيل الإماراتي، المحتل الجديد لمصر.

تهديد الأمن القومي

من جهته يؤكد البرلماني السابق محمد إبراهيم أن ما يقوم به قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي من بيع أراضى مصر واتباع سياسة تهجير المصريين، من رفح ومثلث ماسبيرو وجزيرة الوراق، هو مسلسل من إهدار كرامة المصريين، مؤكدا أن “ما يفعله السيسى وسلطة الانقلاب من جرائم، وعلى رأسها التنازل وبيع أرض مصر، تهديد صارخ للأمن القومي المصري وتضييع لحقوق المصريين، وخيانة للأجيال المقبلة.

وتابع “إبراهيم”: إذا أضفت لكل ذلك جرائم الانقلاب من القتل والاعتقال والسجن وإفقار الشعب المصري وتدمير البنية التحتية للمجتمع المصري يمكن أن تصل إلى نتيجة أنه ليس من المستبعد أن يكون قد ارتكب تلك الجرائم بعلم وتنسيق أعداء مصر والمسلمين، ويفسر لنا السبب الحقيقي وراء تأييد القوى الغربية والصهيونية لهذا المجرم وعصابته.

وطالب الشرفاء بأن يتكاتفوا من أجل إنقاذ مصر، وليس أبناء جزيرة الوراق وحدهم، من هذا الكابوس.

تسديد فواتير

ويصف الإعلامي حسام الغمري ما يحدث في الوراق بأنه يأتي في إطار خطة “تسديد الفواتير” التي ينفذها قائد الانقلاب ضد كل من سانده في انقلابه العسكري، لافتا إلى أن “الوراق” هي الفاتورة الثالثة بعد “تيران وصنافير” و”ماسبيرو”.

ويضيف أن قائد الانقلاب في تسريباته كان يتكلم عما في داخله عندما قال: “معاك فلوس هوريك العجب.. ممعكش معرفكش”، يعني الفقراء ليسوا في حسابات السيسي ولا مكان لهم في مصر بعد الانقلاب.

وأوضح أن السيسي في تسريباته أيضا، أكد أن السادات كان غير موفق حينما استجاب لرغبة الشعب وتراجع عن قرارات 1977، وأنه لن يفعل مثله معتمدا على أنه نجح في بناء وتثبيت جدار الخوف عند الشعب المصري، ولكن هذا الجدار تعرض لشرخ كبير في أول غضبة للمصريين الذين قاموا بالمظاهرة العفوية بعد رفع تذاكر المترو وشارك فيها عدد كبير من المواطنين، وهذا مؤشر على أن حالة الغضب في مصر يمكن أن تتطور لثورة كبيرة وتنهي الحكم العسكري.

وأشار “الغمري” إلى أن السيسي سوغ لكبار الجنرالات بأنهم بإمكانهم نهب خيرات مصر بدلا من تركها نهبا لغيرهم من المدنيين سواء رجال أعمال أو غيرهم؛ وبذلك يكون ضرب عصفورين بحجر بإطلاق يد كبار ضباط الجيش في نهب خيرات وثروات مصر باعتبارهم “أسياد البلد”، لضمان ولائهم من جهة حتى لا ينقلبوا عليه، ولكي يقفوا إلى جانبه لقمع الغضب الشعبي المتوقع في أي وقت.

ولفت إلى أنه في هذه الظروف لا يمكن أن يتوقع احد المصير الذي ينتظر أبناء جزيرة الوراق ليلحقوا بنظرائهم من سكان مثلث ماسبيرو وجزيرة القرصاية وسكان منشية ناصر وغيرهم.

شاهد أيضاً

الأمم المتحدة: الوضع في ليبيا غامض وقلقون بشأن المدنيين المحاصرين بمحيط طرابلس

أعربت الأمم المتحدة عن قلقها تجاه المدنيين المحاصرين في مناطق الاشتباكات بمحيط العاصمة الليبية طرابلس، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *