الرئيسية / أهم الأخبار / بعد عام من تعويم الجنيه.. ماذا حدث للاقتصاد المصري؟ (القصة الكاملة)

بعد عام من تعويم الجنيه.. ماذا حدث للاقتصاد المصري؟ (القصة الكاملة)

قبل عام من اليوم وتحديدا الثالث من نوفمبر عام 2016، سيظل عالقا في أذهان الكثير من أبناء الشعب المصري، لا سيما بعد قرار تحرير سعر الصرف (تعويم الجنيه)، والذي كان أحد الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي، لحصول مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار.

وعانى المصريون في العام الماضي من أوضاع اقتصادية، يعتبرها البعض الأكثر قسوة في السنوات الماضية، حيث توالت الأزمات الاقتصادية على كافة القطاعات.

ورغم أن الضرر من قرار التعويم قد لحق جميع القطاعات الاقتصادية بالبلاد، إلا أن هناك خمسة مؤشرات بارزة كان لها النصيب الأكبر من الأثر السلبي، وهذه المؤشرات هي: أسعار السلع والخدمات، والديون، التضخم، عجز الموازنة، الاستثمارات المحلية.

وبعد عام من التعويم، بدأت تظهر مؤشرات إيجابية في عدة قطاعات على رأسها التصنيفات الإيجابية للاقتصاد الدولي عقب قرض صندوق النقد، وكذلك ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، والاستثمارات الأجنبية، وعودة السياحة بشكل أكبر وارتفاع الاحتياطي النقدي.

السلبيات.. (غلاء الأسعار)

ارتفاع تكاليف المعيشة أبرز السلبيات المباشرة الناتجة عن قرار التعويم، وأجمع خبراء الاقتصاد على أن المصريين قد خسروا أكثر من نصف قوتهم الشرائية نتيجة انخفاض سعر الجنيه، وارتفاع معدلات التضخم لتتجاوز نحو 32.9%، فى مقابل نحو 13% قبل قرار التعويم.

 أحمد الغندور، الخبير الاقتصادى، قال إن الحكومة لم تراع أصحاب الدخول الضعيفة، بل فرضت عليهم ضرائب دخل أيضا، مشيرًا إلى أنه بدلا من أن تقوم الحكومة بإعفاء الموظفين الذين يقل راتبهم عن 1200 جنيه شهريا من الضرائب، فإنها قامت بإعفاء من يقل راتبه عن 600 جنيه شهريا، موضحا أن هذا المبلغ أقل من مستوى خط الفقر العالمى، وبالتالى هذا الإعفاء ليس فى صالح المواطن البسيط.

وكان مجلس النواب قد وافق على تعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بقانون رقم 91 لسنة 2005، وتم رفع الحد الأدنى للإعفاء من ضريبة الدخل من 6500 جنيه سنويا إلى 7200 جنيه، ليرتفع حد الإعفاء الضريبى من 541 جنيها شهريا إلى 600 جنيه شهريا.

التضخم

وتضم قائمة الخاسرين، المواطنين الذين يتقاضون أجورا بالجنيه المصري وهم يشكلون الغالبية الكاسحة من أبناء الشعب، وإن كانت درجة التأثر تتفاوت حسب الدخل المادي.

وبالطبع تتعرض الفئات صاحبة الدخل المنخفض والمتوسط لأكثر درجة من التأثر بسبب تعويم الجنيه، بينما تتراجع درجة تأثر أصحاب الدخول العالية، إلا أن الجميع يتأثر بلا شك.

واكتوى المصريون خلال العام الماضى منذ التعويم بنار الأسعار، حيث تراجعت القوة الشرائية للعملة المصرية بشكل ملحوظ من تحرير سعر الصرف، إذ أعلن المركزي للإحصاء عن وصول معـدل التضخم إلى 32.9%  لشهـر سبتمبر 2017، بعد أن وصل إلى معدل تاريخي فى شهر يوليو الماضى بوصوله إلى 35% إلا أنه وحسب اقتصاديين رقم لا يمت للواقع بصلة وأن النسبة الحقيقية أعلى من ذلك بكثير.

واتخذت الحكومة عدة قرارات اقتصادية ساهمت فيما آلت إليه الأوضاع حاليا، أهمها زيادة أسعار الوقود والكهرباء والمياه، وزيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 14% منذ يوليو الماضى.

وأعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، انخفاض معدل التضخم السنوى فى مصر ليسجل نحو 32.9% خلال شهر سبتمبر 2017، فى مقابل نحو 33.2% خلال أغسطس الماضى.

وأوضح جهاز الإحصاء، أن معدل الزيادة فى التضخم الشهرى ارتفع بنسبة 1% خلال سبتمبر الماضى، بينما بلـغ الرقـم القيـاسـى العام لأسعار المستهلكين لإجمالى الجمهوريـة نحو 262.3 نقطة، لشهـر سبتمبر 2017، مسجـلا ارتفاعا قـدره (1.0%) عـن شهــر أغسطس 2017، فى مقابل نحو 1.2%.

ورجع جهاز الإحصاء أسباب الزيادة فى معدل التضخم الشهرى لشهر سبتمبر إلى ارتفاع أسعـار مجموعة الخضـــراوات بنسبة (3.5%)، ومجموعة الميــاه والخدمات المتنوعة المتعلقة بالمسكن بنسبة (39.6%)، ومجموعة السلع والخدمات المستخدمة فى صيانة المنزل (المنظفات) بنسبة (15.5%).

كما ارتفعت مجموعة الصحــف والكتب والأدوات الكتابية بنسبة (14.9%)، وبالرغم من انخفاض أسعار بعض السلع فإن ارتفاع أسعار المنتجات المذكورة عاليا كان هو الغالب على معدل التضخم الشهرى، وتسبب فى ارتفاعه بنسبة 1% عن الشهر السابق له.

ويعد معدل التضخم فى يوليو الماضى هو الأعلى فى مصر منذ 30 عاما، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء. واتخذ البنك المركزى المصرى مجموعة من الإجراءات خلال الفترة الماضية للسيطرة على معدلات التضخم فى مصر، بينما تستهدف الحكومة خفض معدلات التضخم لتصل إلى 10% بنهاية العام المقبل 2018، وذلك بناء على توصيات صندوق النقد الدولى.

الدكتور على الإدريسي الخبير الاقتصادي، قال إن معدلات التضخم الحالية في مصر أعلى بكثير مما تعلنه الحكومة؛ لأن هناك حالة من الركود التضخمي تتمثل فى ضعف الإنتاج وارتفاع معدلات الطلب وأسعار السلع في ظل قوة شرائية منخفضة للعملة.

إقرأ أيضا: رويترز بعد عام من تعويمه الجنيه المصري لم يسبح حتى الآن

وأضاف الإدريسي في تصريحات صحفية، أن معدلات التضخم تؤثر بشكل كبير على الطبقات المتوسطة والفقيرة، مشيرا إلى أن الطبقة الوسطى حاليًا لم تعد في استطاعتها المعيشة بمرتبات العام الماضي بسبب ضعف القوة الشرائية.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن معدلات الفقر التي تخطت 28% في الفترة الأخيرة تعد أحد الصعوبات التي تواجه الاقتصاد المصري في الوقت الحالي في ظل التضخم المرتفع.

وأكد الإدريسي، أن الخروج من المأزق الحالي وأزمة التضخم يتمثل في زيادة الإنتاج والاهتمام بالصناعة وإعادة تشغيل المصانع المتوقفة وعدم الاعتماد على الأدوات التقليدية سواء رفع الفائدة أو طبع النقود لأن الإفراط في استخدام هذه الأدوات آثاره سلبية في المستقبل.

كما يجب على الدولة الاهتمام بزيادة الاستثمارات ووضع المزيد من الحوافز الاستثمارية لجذب الاستثمارات الخارجية لإنشاء المصانع وزيادة الإنتاج والتصدير للخارج ما يؤدي لزيادة العملة الأجنبية.

الديون

مع توسع الحكومة في الاقتراض من الخارج لسد عجز الموازنة العامة وتوفير العملة الصعبة في البلاد، ارتفع نصيب المواطن المصري في الدين الخارجي منذ تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي، بنحو 31.4%.

وأظهرت أحدث بيانات للبنك المركزي أن نصيب المواطن في الدين الخارجي ارتفع إلى 812.3 دولار في نهاية يونيو الماضي وهو ما يعادل حوالي 14.4 ألف جنيه بسعر صرف للدولار 17.6 جنيه.

وكان نصيب المواطن من الدين الخارجي 618.2 دولار في نهاية سبتمبر 2016 (قبل التعويم) وهو ما كان يعادل حوالي 5.5 ألف جنيه بسعر صرف 8.88 جنيه للدولار قبل التعويم.

وأعلن البنك المركزي أن حجم الدين العام المحلي ارتفع مسجلا 3.16 تريليون جنيه بنسبة 91.1% من الناتج المحلي الاجمالي بنهاية يونيو الماضي، منها 85% مستحق على الحكومة ، و 7 % على الهيئات العامة الإقتصادية و8% على بنك الاستثمار القومي.

وأضاف البنك في تقرير له، أن رصيد الدين المحلي المستحق على الحكومة بلغ 2.7 تريليون جنيه فى نهاية يونيو ، بزيادة قدرها 400.3 مليار جنيه خلال العام المالي 2016/2017 ، فيما بلغ صافي رصيد مديونية الهيئات العامة الاقتصادية نحو 222.3 مليار جنيه بارتفاع قدره نحو 118.6 مليار جنيه.

وأشار إلى أن صافي مديونية بنك الاستثمار القومي مطروحا منه المديونية البينية للبنك مع الهيئات العامة الاقتصادية واستثمارات البنك في الأوراق المالية الحكومية (أذون وسندات) بلغ نحو 252.7 مليار جنيه بارتفاع قدره 21.3 مليار جنيه.

وأعلن البنك المركزى، أن الدين الخارجى ارتفع ليسجل 79 مليار دولار فى يونيو 2017، مقابل 55.8 مليار دولار فى يونيو 2016.

وساهم تحرير سعر الصرف في زيادة شهية الاقتراض لدى الحكومة المصرية، بسبب شروط صندوق النقد الدولي التي تطالب بوصول الاحتياطي النقدي لمستويات مرتفعة.

الدكتور يسري طاحون، أستاذ الاقتصاد بجامعة طنطا، قال إن مؤشر الدين العام أصبح خطيرا جدا وفوق الحدود المسوح بها لأنه تجاوز الناتج المحلي للبلاد.

وأضاف طاحون، فى تصريحات صحفية، أننا لن نصل إلى مستوى الإفلاس ولكننا سنتعرض إلى أزمة مالية كبيرة بسبب الديون وفوائدها التى ستتسبب فى زيادة عجز الموازنة ما قد يؤدى إلى أن تصبح الدولة عاجزة عن الالتزام بواجباتها.

ولفت أستاذ الاقتصاد بجامعة طنطا، أن احتمالات الإفلاس واردة فى حالة واحدة فقط وهى تخلى الغرب عن مصر وخاصة صندوق النقد والبنك الدولييين فى شأن القروض والمؤشرات الاقتصادية  مثلما حدث مع دولة اليونان بسبب الديون، قائلا “معدل القروض يسير بشكل رهيب جدا والحكومة الحالية تقليدية ولا تقوم إلا برفع الدعم وزيادة الضرائب على الناس”.

عجز الموازنة ورفع أسعار الفائدة

ويمتد أثر التعويم إلى عجز الموازنة بسبب ارتفاع تكلفة استيراد الحكومة للقمح والمواد البترولية وغيرها من المواد الأخرى من ناحية، وارتفاع تكلفة خدمة الدين الحكومي، بالإضافة إلى قرار رفع سعر الفائدة 7% منذ نوفمبر الماضى، وذلك على نحو يؤثر بشكل مباشر على تكلفة اقتراض الحكومة.

ووفقا للموازنة العامة للعام المالي الحالي 2017- 2018 من المنتظر ارتفاع الإنفاق على الفوائد إلى 410 مليار جنيه مقارنة بـ380 مليار تم استهدافها فى الموازنة وذلك عقب قرار رفع أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي ووصوله إلى 19.75% للاقتراض.

وتستهدف مصر ألا يتجاوز معدل عجز الموازنة 9.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي الجاري.

إلا أنه بعد ارتفاع أسعار النفط عالميا لـ61 دولار للبرميل وتقييمه فى الموازنة العامة بـ55 دولارا، جعل المستشار الاقتصادي، أحمد خزيم، يقول إن وصول سعر برميل النفط 61 دولار لأول مرة منذ يوليو 2015، سوف يؤثر بشكل كبير على عجز الموازنة العامة العام المالي الجاري.

وأضاف خزيم، فى تصريحات صحفية، أن مسئولي وزارة المالية قدروا سعر النفط فى الموازنة بـ55 دولار عندما كان فى حدود 45 دولار، وعندما ارتفع قليلا قدرته الوزارة بـ57 دولار وأعلنت أن ارتفاعه 2 دولار يكلف الموازنة حوالى 30 مليار جنيه، فما بالنا الآن عندما ارتفع 5 دولار وبلغ 60 دولار، مشيرا إلى أن عجز الموازنة بعد هذه الزيادة سيصل بنهاية العام المالي إلى 500 مليار جنيه.

وأوضح المستشار الاقتصادي، أن ارتفاع سعر البترول سوف يأكل ثمار الإصلاح الاقتصادي الذى قامت به الحكومة فى الفترة الأخيرة وتخفيض الدعم على الوقود والكهرباء وغيرها من السلع والخدمات، مشيرا إلى أن هذه الزيادة تعد إنذارا يؤكد أن مسئولي الحكومة يديرون المالية العامة بعشوائية ودون دراسة ولا ينظرون إلى المؤثرات الخارجية التى قد تضر بالموازنة.

الاستثمارات المحلية والمصانع المتوقفة

لم يكن قرار التعويم هينًا خاصة على أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فتوابع الزلزال لم ترحم أحدًا، فالمصانع المصرية أصبحت في مهب الريح بعد ارتفاع سعر الدولار وبالتالي ارتفاع سعر مستلزمات الإنتاج التي تتخطى أحيانا 66% من مكونات الإنتاج.

وخلال الشهور الماضية برزت أزمة بين كبار الصناع والقطاع المصرفي إثر ارتفاع أسعار الدولار والفائدة معا تمثلت في طلب البنوك من المصنعين شراء الدولار بالأسعار الجديدة حتى بالنسبة للاعتمادات المستندية (تمويلات البنوك لعمليات الاستيراد من الخارج) ما أدى إلى تحول حسابات الكثير من المصانع في المصارف من دائنة إلى مدينة، وتطالب البنوك هذه المصانع بسداد مديونياتها بسرعة.

كما أن ارتفاع أسعار الفائدة ووصولها إلى 19.75% للاقتراض أثر بشكل كبير على الاستثمارات التى تعتمد بشكل كبير على الاستدانة من البنوك لتمويل المشروعات، ما أدى إلى توقف 10500 مشروع حتى الآن تسعى الحكومة حاليا إلى إعادة تشغيلها.

وتتلخص مشكلة أصحاب المصانع المتوقفة التى تفاقمت عقب الأحداث السياسية منذ 2011 فى عدم وجود تمويل لاستكمال خطوط الإنتاج أو تجديد المعدات أو شراء الخامات وترفض البنوك تمويلها زادت حدتها عقب تعويم الجنيه في 3 نوفمبر الماضي.

إقرأ أيضا: التعويم يكلف الحكومة 100 مليار جنيه إضافية في موازنة العام الماضي

واعتبر رجال الصناعة أنَّ المشروعات المتوقفة كان من الممكن أن تزيد فاتورة الصادرات بأكثر من 30% وتوفر ما يزيد على مليونى فرصة عمل بمتوسط 300 عامل فى المصنع الواحد ما يقضى على 70% من حجم البطالة بمصر بخلاف ما تضيفه من زيادة فى حصيلة الخزانة العامة من الضرائب والرسوم.

وبلغت نسبة البطالة في السوق المصرية، نحو 11.9.% فى سبتمبر الماضي، وفق أرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فيما اعتبر خبراء اقتصاد أنّ الرقم غير واقعي وأن النسبة الحقيقية تزيد على 20 %.

فى هذا الصدد، قال محمد موسى، الخبير الاقتصادي: إن توجيه الرئيس بإعادة تشغيل المشروعات المتوقفة خطوة جيدة فى طريق عودة الدولة إلى الإنتاج وضخ المزيد من الاستثمارات، ولكن يجب أن يكون هناك مشاركة من القطاع الخاص فى تشغيل هذه المشروعات.

وأضاف موسى، فى تصريحات صحفية، أن الحكومة تعانى من أزمة مالية ناتجة عن عجز الموازنة وزيادة الديون، والمصانع تحتاج إلى تطوير وتدفقات مالية بالمليارات لإعادة تشغيلها لن تستطيع الموازنة تحملها فى الوقت الحالي، ولذلك لابدّ أن يكون هناك دور للقطاع الخاص فى مشاركة الحكومة فى هذا الأمر.

وأوضح الخبير الاقتصادي أننا لا نقصد بمشاركة القطاع الخاص عودة نظام الخصخصة الفاسدة أيام نظام الرئيس الأسبق مبارك، ولكن خصخصة ناجحة سواء فى الإدارة أو بالمشاركة فى رأس المال.

وحول دعم الدولة لأصحاب المشروعات من البنوك لإعادة التشغيل، أكّد أنّه لابد من وضع كل صاحب مصنع خطة محددة وطموحة لإنقاذ المصنع أو المشروع المتوقف، كما تعطي الحكومة تسهيلات بنكية ولكن بناء على دراسات جدوى وليس كلام أصحاب المصنع فقط، لافتًا إلى أننا نحتاج أيضًا إلى إصدار قوانين التخارج والإفلاس والتعثر ووضع قواعد لتنظيم الاقتراض والرقابة.

وطالب موسى، الحكومة قبل البدء فى إعادة تشغيل الـ10500 مشروع أن تضع رؤية استثمارية واضحة قبل دفع أي أموال للمصانع، مشيرًا إلى أنه لابدَّ أن يكون هناك أولويات فى إنقاذ المشروعات، قائلا: “المصنع اللى بينتج حاجة بنستوردها بنسبة 80% أساعده الأول .. وبعد كده أساعد المصنع اللى بينتج سلعًا محلية”.

صادرات ضعيفة
انخفاض قيمة عملة أي بلد يعني زيادة صادراتها، نظراً للميزة التنافسية التى ستتاح للسلعة أمام السلع المنافسة لها فى الأسواق الخارجية، إلا أنه لم ينجح في مصر وبدت نسبة الصادرات ضعيفة مقارنة بتأثير انخفاض العملة.

وبينما تعلن وزارة التجارة والصناعة بشكل شبه يومى على لسان الوزير طارق قابيل، عن تحسن أداء الصادرات المصرية، وارتفاع قيمتها خلال العام الماضى بنحو مليارى دولار مقارنة بالعام 2015، تأتى تفاصيل الأرقام والبيانات الصادرة عن الوزارة نفسها لتؤكد أن أداء قطاع التصدير لا يزال متواضعاً، مقارنة بسنوات مضت.

وحسب بيانات وزارة التجارة والصناعة، فقد سجلت الصادرات المصرية غير البترولية 23.3 مليار دولار بنهاية العام 2011، الذى شهد حالة من الاضطرابات السياسية والأمنية، وهى قيمة أعلى من تلك التى تحققت فى العام 2010 الذى سجل 20.5 مليار دولار، كما حققت الصادرات فى نهاية 2012 ما قيمته 22.8 مليار دولار، كما بلغت 22 مليار دولار بنهاية 2013، ونحو 22.1 مليار دولار بنهاية 2014، ثم تدهورت فى عامها الأسوأ 2015 وسجلت نحو 18 مليار دولار، ثم ارتفعت نحو مليارى دولار لتحقق نحو 20 مليار دولار بنهاية 2016.

تراجع ترتيب مصر فى ممارسة الأعمال

تراجع ترتيب مصر إلى المركز الـ 128 في تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي لعام 2018، من بين 190 دولة، مقارنة بالمركز الـ 122 في تقرير الخاص بتوقعات عام 2017، وبين دولتي الرأس الأخضر وسانت فنسنت في الترتيب.

ويأتي ذلك على الرغم من إصدار مجموعة البنك الدولي بيانا صحفيا إيجابيا حول التحسينات والإصلاحات التي تشهدها مصر.

وقال بيان البنك الدولي إن مصر نفذت 29 عملية إصلاحية خلال الـ 15 عاما الماضية، بالمقارنة مع الأردن (19) وتونس (19) والجزائر (16).

وأقر البنك الدولي خلال العام الماضي بالجهود المبذولة لتحسين تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وحماية مصالح الأقلية، بالإضافة إلى تحسين فرص الحصول على الائتمان.

وسجلت مصر أعلى درجة لها في التعامل مع تصاريح البناء، حيث احتلت المرتبة الـ 66 عالميا، وتحسن ترتيبها كذلك في مؤشر بدء الأعمال التجارية، مع انخفاض الوقت المطلوب لبدء الأعمال إلى 14.5 يوما وانخفاض التكلفة إلى نسبة 7.4% من دخل الفرد، على الترتيب، وذلك مقارنة بـ 39.5 يوما و65.6% من دخل الفرد قبل 15 عاما.

ويبين التقرير أن تسجيل الممتلكات ازداد صعوبة، وسجلت مصر أداء منخفضا في مجال دفع الضرائب، لتحتل المرتبة الـ 167، وكذلك تراجع ترتيبها في التجارة عبر الحدود، حيث احتلت المرتبة الـ 170 عالميا.

وأوضح التقرير أن الأمر يستغرق 265 ساعة للحصول على الأوراق المطلوبة للاستيراد، وهو ما يعد أطول بأربع مرات بالمقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 66 ساعة.

وقالت الدكتورة عالية المهدي تعليقا على هذا التراجع على صفحتها الشخصية بموقع التواصل “فيس بوك”، تقرير ممارسة  الأعمال لتدهور ترتيب مصر من المركز 122 إلي المركز 128 من 190 دولة علي مستوي العالم.. يعني بالرغم من تعويم عامر للجنيه وكل الإجراءات الخاصة بتشجيع وتحسن مناخ الاستثمار فإن وضع مصر في تراجع”.

الآثار السلبية للتعويم

وقال إبراهيم نوار، الخبير الاقتصاد، إن البنك المركزي يحتفل اليوم بذكرى 3 نوفمبر كما لو كان يحتفل بعيده القومي، مستنكرا هذا الاحتفال لأن قرارات 3 نوفمبر 2016 أدت إلى كثير من السلبيات على الاقتصاد المصري.

وأضاف نوار، على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، أن قرار التعويم أدى إلى رفع معدل التضخم إلى أكثر من 30%، مضاعفة أسعار السلع الأساسية والخدمات بنسب تتراوح بين ضعف الأسعار السابقة إلى ثلاثة أضعاف، مضاعفة قيمة الديون الأجنبية 3 مرات، مضاعفة أسعار الفائدة على قروض الاستثمار تقريبا، وأصبحت الفوائد على الديون والاقساط المستحقة تعادل نحو نصف إجمالي مصروفات الميزانية.

وتابع عن تأثير القرار “تدهور نصيب الاستثمار في الميزانية إلى حوالي 3% من إجمالي الناتج المحلي، زادت حقوق الأجانب فى الاقتصاد المحلي إلى أعلى مستوى في العقود الأخيرة، من خلال خدمة الدين الأجنبي، ونصيب شركات النفط والغاز من الإنتاج المحلي، وتخصيص مساحات شاسعة من الأراضي لشركات عربية وأجنبية، ومنح شركات أجنبية حقوق تملك وتشغيل محطات قوى كهربائية وبيع إنتاجها في السوق المحلي، فضلا عن ركود الاقتصاد غير الحكومي، بما في ذلك قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة وقطاع الصناعات التحويلية.

واستطرد “الحكومة كلها والبنك المركزي شغالين بمنطق (إحييني النهاردة وموتني بكرة..يا ترى مين يعيش)!!! لهذا فمن حق البنك المركزي أن يحتفل”.

انهيار الطبقة الوسطى

وقال أحمد خزيم المستشار الاقتصادي، إنه لقياس إصلاحات أو إيجابيات قرض صندوق النقد الدولي وتعويم الجنيه، يجب أن نبحث 3 أشياء هامة، أولهم مقدار “حجم السعادة” أو رضا الأغلبية من الشعب عن حالتهم الاجتماعية، وثانيهم التعويم أو تحرير سعر الصرف، ما هو إلا قرار من ضمن مجموعة قرارات صعبة وعنيفة أدت في النهاية إلى الوضع الذي نحن فيه، وثالثًا بعد قرارات 3 من نوفمبر نتساءل.. هل انخفض حجم الاقتراض؟، وهل زادت الإصلاحات؟ وما نتائج ذلك.

وأضاف خزيم فى تصريحات لـ”مصر العربية”، أنه من الواضح أن قرارات التعويم أدت إلى انهيار الطبقة المتوسطة، مرجعًا انخفاض الواردات، وارتفاع الصادرات إلى التغير في قيمة الجنيه مقابل الدولار، فضلاً عن قياس مؤشر البطالة وارتفاع الدين العام، المصحوب ببيع السندات وأذون الخزانة، موضحًا أن قرارات التعويم أو تحرير سعر الصرف لم تكن صحيحة.

التعويم “خرم” معدة الاقتصاد
وقال شريف الدمرداش الخبير الاقتصادى، إن الإصلاح الاقتصادى هو المفاضلة بين حلول ومسارات إقتصادية أخذا فى الاعتبار الآثار والتداعيات السياسية والمجتمعية .

وأضاف الدمرداش، فى تصريحات صحفية، أن أحد الحلول التضحية بجيل اعتمادا على القدرة على قمع واحتواء التداعيات السياسية والمجتمعية لهذا المسار، وهذا ما يفعله نظام الرئيس السيسى.

وتابع “التعويم خَرم معدة الاقتصاد المصرى، ولا يمكن تبريره بالنظر إلى نتائجه المدمرة على المدى القصير وأحيانا المتوسط،  فالإصلاح الاقتصادى هو تحسين المستوى المعيشى للمواطن البسيط، وهذا ما لم يحدث ، بل العكس صحيح”.

الإيجابيات

وبعد عام على التعويم، ظهرت بعض المؤشرات الإيجابية في عدة قطاعات على رأسها التصنيفات الإيجابية للاقتصاد الدولي عقب قرض صندوق النقد، وكذلك ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، والاستثمارات الأجنبية، وعودة السياحة بشكل أكبر وارتفاع الاحتياطي النقدي وانخفاض الواردات.

التصنيف الائتماني

أكدت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، تصنيف السندات طويلة الأجل التي تصدرها الحكومة المصرية عند B3، مع بقاء النظرة المستقبلية مستقرة.

وأرجعت الوكالة، تأكيد تصنيفها لمصر إلى أن تصنيف B3 يتناسب مع مخاطر الائتمان فيها، مشيرة إلى أن الضعف الشديد في المالية العامة للحكومة سيستمر في تقييد التصنيف انتظارا للمزيد من الوضوح بشأن استدامة وأثر برنامج الإصلاح.

وأضافت أنه في حين تحسن وضع السيولة الخارجية لمصر خلال الـ 12 شهرا الماضية بشكل كبير، فإن الزيادة في الاحتياطيات الدولية كانت مدفوعة بالدرجة الأولى بتدفق الديون، ما أدى إلى زيادة مستوى الدين الخارجي.

وارتفع احتياطي النقد الأجنبي خلال يوليو الماضي إلى مستويات ما قبل ثورة يناير عند 36 مليار دولار، وفقا لبيانات البنك المركزي ليرتفع بنحو 11.8 مليار دولار خلال أول 7 أشهر من العام الجاري.

وقالت الوكالة التي ترى أن الإصلاح في مصر “مثير للإعجاب”، إن نظرتها المستقبلية للبلاد “مستقرة”، مشيرة إلى أنه على الرغم من تحسن الاستقرار السياسي إلى حد ما، قد يواجه زخم الإصلاح رياحا معاكسة، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في مايو 2018.

وجاء تثبيت التصنيف مخالفا لتوقعات بنك استثمار فاروس بأن ترفع الوكالة التصنيف الائتماني السيادي لمصر إلى B2 وفقا لـ 3 عوامل أولها ارتفاع معدل النمو الاقتصادي، وتضييق العجز المالي، وتراجع نقاط الضغط الخارجية، والمدعم بالتحسن الأخير في ميزان المدفوعات.

الاحتياطي النقدي

أعلن البنك المركزى المصرى ،عن حجم أرصدة الاحتياطى من النقد الأجنبى، الذى سجل نحو 36.5 مليار دولار فى نهاية سبتمبر  2017، يكفى واردات مصر من السلع لمدة نحو 7.6 شهر، مقارنة بحجم أرصدة يقدر بنحو 26.3 مليار دولار بنهاية يناير 2017، ما يغطى 5.5 شهر.

وقدر البنك المركزى حجم الواردات السلعية على أساس التسعير خلال العام المالى الماضى 2016 – 2017، حيث يعد الاحتياطى الأجنبى فى أعلى مستوياته منذ ثورة يناير 2011.

وتستورد مصر بما يعادل متوسط 5 مليارات دولار شهريًا من السلع والمنتجات من الخارج، بإجمالى سنوى يقدر بأكثر من 60 مليار دولار، وبالتالى فإن المتوسط الحالى للاحتياطى من النقد الأجنبى يغطى نحو 7.6 شهر من الواردات السلعية لمصر، وهى أعلى من المتوسط العالمى البالغ نحو 3 أشهر من الواردات السلعية لمصر، بما يؤمن احتياجات مصر من السلع الأساسية والاستراتيجية.

إلا أن ممدوح الولي، المحلل الاقتصادي، قال إنه للأسف زيادة الاحتياطي النقدي ناتجة عن أذون خزانة يسميها القائمون على الاقتصاد فى بلادنا استثمارات قصيرة الأجل وهى ليست كذلك بل إنها قروض وديون.

وأضاف الولي، فى تصريحات صحفية، أن مسئولي البنك المركزي لا يجب أن يفرحوا ويسعدوا بارتفاع الاحتياطي النقدي لأنهم يعلموا مصادره جيدا وأنها ديون تكلفتها على الأجيال القادمة وسيدفعها المصريون من ضرائبهم فى الموازنة العامة، قائلا “أنا ما أفرحش بالاحتياطي إلا إذا كان جاى من مصادر مصرية خالصة زى السياحة والتصدير وتحويلات المصريين فى الخارج”.

وتابع “محافظ البنك المركزي بيضحك على الناس ويقول إن الاحتياطي زاد.. وفى نفس الوقت تلاقى الديون الخارجية بقت ضعف الاحتياطي.. ده كلام سخيف وفيه استهتار بالرأى العام”.

وأوضح أن النظر الى الاحتياطى ببلدان العالم لا يكون بقيمته، ولكن بقدر عدد الشهور التى يغطيها من الواردات السلعية والخدمية للبلد الموجود بها، والذى كان يغطى فى آخر عهد مبارك 6 و8 أشهر ، مقابل تغطية 5 أو6 أشهر حاليا.

وأشار إلى أن مصدر زيادة الإحتياطى خلال الشهور الماضية من القروض وليست من موارد عادية ، مثل الصادرات والسياحة وقناة السويس والإستثمار الأجنبى المباشر ، وهكذا كلما زاد الاحتياطى يزيد الدين الخارجى أكثر منه فى نفس الوقت ، والنتيجة أن الدين الخارجى أصبح يمثل أكثر من ضعف الإحتياطى فى يوليو الماضى .

تحويلات المصريين بالخارج

رغم تعدد التبعات السلبية لتحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر الماضي، استجابة لأحد الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي مقابل قرض قيمته 12 مليار دولار إلا أن بارقة أمل بدأت تلوح في الأفق بعد زيادة معدل تحويلات المصريين بالخارج.

وتعد التحويلات من أهم مصادر العملة الأجنبية للبلاد، حيث يقدر عدد المصريين العاملين في الخارج بنحو 8 ملايين مصري، يتواجد حوالي 70% منهم فى دول الخليج العربي، و30% في أوروبا ودول أمريكا الشمالية، وتعتبر مصر من أكبر الدول العربية التي تتلقي تحويلات سنوية والسادسة على مستوى العالم.

إلا أن الإقبال عليها كان ضعيفا للغاية، بسبب الفرق الكبير بين سعر الدولار في البنوك والسوق السوداء، وهو ما تغير بعد تحرير سعر الصرف، حيث زادت التحويلات.

البنك المركزى أعلن عن زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 24.4% خلال شهر سبتمبر 2017 مقارنة بذات الشهر من العام الماضى.

وارتفع اجمالى تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال شهر سبتمبر 2017 بمعدل 24.4% لتسجل نحو 1166.0 مليون دولار مقابل نحو 937.3 مليون دولار خلال شهر سبتمبر 2016.

وشهدت الفترة نوفمبر 2016 حتى سبتمبر 2017 وهى الفترة التى أعقبت قرار تحرير سعر الصرف ارتفاع إجمالى تحويلات المصريين العامليين بالخارج بمقدار 2.6 مليار دولار بمعدل 17.8% لتصل إلى نحو 17.4 مليار دولار مقابل نحو 14.8 مليار دولار خلال ذات الفترة من العام المالى السابق.

الدكتور محمد عبدالعظيم الشيمي، الخبير المصرفي، قال إن المعيار الأساسي لتقييم تحويلات المصريين فى الخارج هو نسبة الارتفاع وطالما هناك ارتفاع فى نسبة التحويلات فإننا نسير على الطريق الصحيح.

وأضاف الشيمي، فى تصريحات صحفية، أن الارتفاعات فى التحويلات خلال الأشهر الماضية ناتجة عن قرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية الذى أدى لاتجاه المصريين إلى السوق الرسمي فى البنوك بدلا من السوق السوداء، مشيرا إلى أن استقرار سعر الصرف لمدة طويلة من العوامل المهمة لزيادة التحويلات بسبب حالة الاطمئنان التى تنتاب المصريين فى الخارج.

الاستثمارات الأجنبية

أعلن البنك المركزى المصرى ارتفاع صافى حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة خلال العام المالى 2016 /2017 ، لتصل إلى 7.9 مليار دولار مقابل 6.43 مليار دولار فى العام المالى 2015/ 2016.

وأظهر آخر تقرير شهرى للبنك المركزى ارتفاع صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الربع الرابع من 2016 /2017، لتصل إلى 1.35 مليار دولار مقابل 1.04 مليار دولار خلال الربع المناظر من العام المالى 2015/ 2016.

وأضاف أن إجمالى التدفقات للداخل تراجعت لتبلغ 2.58 مليار دولار مقارنة 2.9 مليار دولار خلال الفترة المناظرة من العام المالى السابق، كما انخفضت وتيرة التدفقات إلى الخارج خلال الربع الرابع من العام المالى 2016 /2017 لتبلغ 1.23 مليار دولار مقارنة 1.88 مليار دولار خلال الربع المناظر من 2015 /2016.

وأضاف التقرير أن دول الاتحاد الأوروبى احتلت المرتبة الأولى من حيث الدول المستثمرة فى مصر بإجمالى بلغ 1.45 مليار دولار، مشيرا إلى أن استثمارات المملكة المتحدة بلغت693.1  مليون دولار، تلتها الاستثمارات البلجيكية بنحو 621 مليون دولار، ثم الاستثمارات الهولندية فى المرتبة الثالثة بنحو 30.1 مليون دولار، وجاءت الاستثمارات الألمانية فى المرتبة الرابعة بقيمة بلغت 26.4 مليون دولار، تلتها لوكسمبرج باستثمارات بغلت 20.8 مليون دولار، ثم الاستثمارات الإيطالية بنحو 20 مليون دولار.

أضاف التقرير أن إجمالى استثمارات الولايات المتحدة الأمريكية بلغت 352.7مليون دولار ، فيما بلغ حجم استثمارات الدول العربية خلال الربع الرابع من العام المالى 2016 /2017 نحو 416.4 مليون دولار، منها استثمارات سعودية بنحو 167.5 مليون دولار واستثمارات إماراتية بقيمة 147.2 مليون دولار ، فيما بلغ حجم استثمارات الكويت نحو 35.3 مليون دولار والاستثمارات البحرينية نحو 10.3 مليون دولار.

إلا أن الرابح الأكبر من تعويم الجنيه فى مصر بخصوص الاستثمارات هو المستثمرون الأجانب فى سندات وأذون الخزانة، حيث بلغت استثمارات الأجانب في أذون وسندات الخزانة بالعملة المحلية إلى 18.8 مليار دولار في الفترة من نوفمبر 2016 وحتى بنهاية أكتوبر الماضي.

فمع تحرير سعر الصرف في نوفمبر من العام الماضي فقد الجنيه نحو نصف قيمته وأصبح الدولار الذي يمتلكه المستثمر يمكنه من شراء عدد أكبر من أذون وسندات الخزانة بالجنيه قد يصل إلى الضعف، كما فتح شهية المستثمرين الأجانب نحو الاستثمار في هذه الأدوات الإجراءات المصاحبة للتعويم وتشديد السياسة النقدية خلال أول عام بعد تحرير سعر الصرف وهو ما قفز بأسعار العائد على هذه الأدوات.

ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة 7% منذ التعويم، في مدة لم تتجاوز 10 أشهر، وهو ما زاد من جاذبية الاستثمار في أدوات الدين الحكومي، التي تطرحها من أجل سد العجز في الموازنة العامة.

ويستفيد الأجانب من الوضع الاقتصادي في مصر حاليا بشكل كبير، لأن دخولهم القوي في أداوت الدين بعد تحرير سعر الصرف، يمنحهم مكاسب كبيرة عند الخروج بأموالهم بسعر صرف أعلى للجنيه، بالإضافة إلى الفائدة المرتفعة والتي تعتبر من أعلى المعدلات العالمية.

وظهرت أهمية استثمارات الأجانب في أنها تعتبر إحدى القنوات الرئيسية التي تعتمد عليها مصر في التدفقات من العملات الأجنبية خلال الشهور الأخيرة مع التحسن البطيء في المصادر الحقيقية لهذه العملات.

وقال طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري، إن مستويات الاحتياطي النقدي الأجنبي ستكون في أمان في ظل إقبال المستثمرين الأجانب على أدوات الدين المصرية مرتفعة العائد.

وتوقع وزير المالية عمرو الجارحي في تصريحات صحفية الشهر الماضي أن تبلغ استثمارات الأجانب في أدوات الدين 20 مليار دولار بنهاية 2017.

وقال صندوق النقد الدولى، إنه يتوقع أن تجذب مصر مزيدا من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأن تزيد صادراتها “نتيجة تحرير سعر الصرف” ورفع القيود المفروضة على النقد الأجنبى وتطبيق قانونى الاستثمار ومنح تراخيص المنشآت الصناعية.

انخفاض الواردات وزيادة الصادرات

أعلن المهندس طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة، أن الصادرات المصرية غير البترولية حققت قفزة كبيرة خلال الـ9 أشهر الماضية (يناير – سبتمبر) مسجلة 16 ملياراً و490 مليون دولار مقارنة بـ14 ملياراً و890 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضى 2016 بزيادة نسبتها 11%.

وقال الوزير، إن تلك الزيادة انعكست إيجابياً على الميزان التجارى الذى شهد تحسناً كبيراً لينخفض العجز خلال الفترة المذكورة إلى 23 ملياراً و390 مليون دولار مقارنة بـ34 ملياراً و860 مليون دولار بنسبة تحسن بلغت 33% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى 2016، وذلك وفقاً لأحدث تقرير من مستودع بيانات التجارة الخارجية حول مؤشرات أداء التجارة الخارجية خلال الـ9 أشهر الماضية (يناير – سبتمبر) مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى 2016.

وفى إطار السياسات التى انتهجتها الوزارة لترشيد الواردات وإحلال المنتجات المحلية محل المستوردة أشار التقرير إلى أن الواردات المصرية شهدت انخفاضاً ملموساً مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى؛ حيث تراجعت الواردات المصرية إلى 39 ملياراً و880 مليون دولار مقارنة بـ49 ملياراً و740 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضى بنسبة تراجع بلغت 20%.

وأرجع أحمد خزيم، المستشار الاقتصادي، فى تصريحات لـ”مصر العربية”، انخفاض الواردات، وارتفاع الصادرات إلى التغير في قيمة الجنيه مقابل الدولار، وليست ناتجة عن زيادة الإنتاج والتصدير.

اختفاء السوق السوداء للدولار

نتج عن قرار تعويم الجنيه فى نوفمبر الماضى اختفاء شبه كامل للسوق السوداء للدولار واتجاه المواطنين للسوق الرسمي للصرف وهو البنوك بعد ترك السوق للعرض والطلب.

وقال مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، إن تعويم الجنيه تسبب فى اختفاء شبه كامل للسوق السوداء للدولار الأمريكى فى مصر، ونشوء ما يشبه نظام صناعة سوق مركزى بالبنوك الرئيسة تتحكم فى المعروض والمطلوب الدولارى بصفة عبر يومية، ولكن عند سعر صرف للدولار يزيد عن مثلىّ السعر الرسمى الذى كان سائداً وقت اتخاذ قرار التعويم، ويزيد بنحو 60% عن متوسط أسعار الصرف فى السوق السوداء قبل أن يقفز الدولار تحت ضغط اضطراب واضح فى السياسة النقدية آنذاك ومماطلة فى اتخاذ قرار التعويم المدار أو الجزئى حتى تراجعت البدئل المتاحة لمتخذ القرار فى هذا الشأن الخطير.

وأضاف نافع، فى تصريحات صحفية “المصرفيون يرون نجاح عملية التعويم التى تمت العام الماضى لأن قوائم الانتظار قد اختفت، وتوافرت العملة الصعبة إلى حد كبير للوفاء بالالتزامات الأساسية واحتياجات الاستيراد ذات الأولوية، لكن الاقتصاديين ينظرون إلى الصورة من زاوية أوسع من نوافذ الصرافة المخصصة للتعاملات اليومية على العملة الصعبة بالبنوك التجارية”، فالاقتصادى مهموم بأثر السياسة النقدية على مختلف المتغيرات الهامة بالاقتصاد الكلى، وهو مهموم أولاً بالأثر المرتبط بقرارات صانع السياسة النقدية على أهم أهداف السياسة النقدية وهى “استهداف التضخم” الذى يعنى ببساطة العمل على استقرار المستوى العام للأسعار حول معدلات مقبولة، والحد دون التقلبات العنيفة فى قيمة العملة المحلية، خاصة التراجع الكبير فى قيمة العملة وما ينشأ عنه من تضخم فى الأسعار، اقترب من معدلات تاريخية إذ تجاوز التضخم الأساسى 32% سنوياً وتجاوز تلك النسبة كثيراً فى مجموعات سلعية استراتيجية وشديدة الأهمية، لأنها تتصل باحتياجات المعيشة الأولية للقاعدة الأكبر من السكان.

السياحة

ويصب قرار تعويم الجنيه المصري في صالح السائح الأجنبي والعاملين في قطاع السياحة، حيث يشكل تراجع قيمة العملة المحلية عامل جذب للسائحين بالقدوم إلى مصر، ما يرفع من عوائد قطاع السياحة.

فقبل التعويم، كان السائح الوافد الذي بحوزته ألف دولار مثلا، يحصل على سلع وخدمات بما يعادل 8700 جنيه، وفقا للسعر الرسمي، أصبح بعد التعويم حاليا لديه نحو 18 ألف جنيه لشراء مزيد من السلع والخدمات، وإن تحركت أسعارها، حسب نوعها، مستوردة أو محلية.

وتعول مصر على السياحة في توفير 20% من احتياجاتها من العملة الصعبة، التي تراجعت  كميتها في الفترة الأخيرة، ودفعت بالجنيه المصري إلى الهبوط أمام الدولار إلى نحو لامس 18 جنيها في السوق الرسمية.

وارتفعت إيرادات مصر من قطاع السياحة 211.8 % إلى نحو 5.3 مليار دولار فى أول تسعة أشهر من هذا العام، فى حين زادت أعداد السياح الوافدين إلى البلاد 55.3%.

وقفزت إيرادات السياحة إلى نحو 5.3 مليار دولار فى أول تسعة أشهر من 2017 مقابل 1.7 مليار قبل عام، حيث أن  التحسن فى الأرقام جاء بدعم من زيادة معدل إنفاق السائح إلى 88.2 دولار فى الليلة الواحدة، وزيادة أعداد السائحين الوافدين من أوروبا إلى 3.2 مليون سائح بارتفاع 85 %عن الفترة المقابلة من العام الماضى.

وزار مصر ما يزيد على 14.7 مليون سائح في 2010 وانخفض هذا العدد إلى 9.8 مليون سائح في 2011 وإلى نحو 4.5 مليون سائح في 2016.

وعانى قطاع السياحة فى مصر بشكل كبير منذ قيام ثورة 25 يناير 2011 بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة فضلا عن حادث سقوط الطائرة الروسية فى 2015 والذى على إثره منعت روسيا السفر إلى مصر ما حرمها من 3 مليون سائح على الأقل.

وعقب حادث الطائرة فرضت روسيا حظرا على السفر إلى مصر بينما حظرت بريطانيا السفر إلى سيناء، ومن المتوقع وصول الإيرادات السياحية بنهاية هذا العام إلى 6 مليارات دولار رغم عدم رفع الحكومة الروسية الحظر على الرحلات السياحية لمصر بعد.

وبلغت إيرادات مصر من السياحة 3.4 مليار دولار في 2016 وفقا لتصريحات طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري في يناير الماضي.

وتواصل مصر حملاتها التسويقية في أوروبا والبلاد العربية حتى نهاية العام مع المشاركة هذا الشهر في بورصة السياحة العالمية في روسيا وفي بورصة لندن التي تقام في نوفمبر المقبل، كما تبذل جهودا حثيثة لتعزيز أمن المطارات في إطار مساعي إنعاش قطاع السياحة ورفع حظر الطيران الروسي إلى مصر والحظر البريطاني على السفر إلى سيناء.

الدكتور زين الشيخ، مستشار مصر السياحي الأسبق باليابان، قال إن السبب الرئيسي لزيادة الإيرادات السياحية هو ارتفاع السياح الألمان والأوكرانين بشكل خاص بجانب السياحة العربية.

وأضاف الشيخ، فى تصريحات لـ”مصر العربية”، أنه مع زيادة أعداد السياح ارتفعت الإيرادات بشكل طبيعي، مشيرا إلى أن هذه الزيادة الكبيرة ليست المنتظرة لأننا نقارنها بالعام الماضى 2016 الذى يعتبر أسوأ عام فى تاريخ السياحة المصرية ولذلك تظهر لنا هذه النسبة الضخمة.

وأوضح مستشار مصر السياحي فى اليابان الأسبق، أن هذه الزيادة تعنى أن هناك مؤشرات إيجابية خلال الفترة المقبلة لقطاع السياحة ما يؤدى إلى زيادة الأعداد بشكل أكبر والعودة تدريجيا إلى ما كنا عليه فى 2010.

البورصة المصرية أكبر المستفيدين

ويبدو أن البورصة المصرية كانت أكبر المستفيدين من قرار التعويم، حيث حققت خلال هذا العام قفزات تاريخية بتجاوزها حاجز الـ14 ألف نقطة أكثر من مرة.

وقال سمير رؤوف خبير أسواق المال، فى تصريحات صحفية، أن الجهد الذى قامت به وزارة الاستثمار وخروج قانون الاستثمار الجديد ولائحته التنفيذية انعكس بشكل كبير على منظومة الاستثمار في البورصة المصرية حيث ارتفعت تقريبا 2000 نقطة منذ بداية العام من مستويات 12300نقطة إلي مستوى 14,319.34 نقطة للمؤشر الرئيسى.

وأضاف رؤوف، أن بعض التقارير الدولية تشير إلي أن الاقتصاد المصري سيشهد عملية تسارع وتيرة النمو في الفترة القادمة ما يشير إلي أننا دخلنا مرحلة جديدة وتخطينا مرحلة الخطر وأننا في وضع آمن ومستقر علي مدار 5 السنوات المقبلة، متوقعا مزيد من التسارع وزيادة معدلات النمو فى البورصة وتطوير أداء الوظيفة الرئيسية لها باعتبارها منصة للتمويل وإعاة الهيكلة للشركات والمؤسسات المالية.

وقال منتصر مدبولي، المحلل المالي، إن أكثر من استفاد من تعويم الجنيه هي أسواق المال حيث ارتفع المؤشر العام بنسبه اقتربت من ???? وارتفعت باقي الاستنباطات بنسبة تجاوزت ????? ومنها من وصل إلي نسبه ارتفاع ????.?

وأضاف مدبولي، فى تصريحات صحفية، أن قيم التعاملات ارتفعت إلي ما فوق مليار جنيه يوميا بينما كانت تصل إلي متوسط ??? مليون جنيه قبل التعويم.

وأوضح المحلل المالي، أن الاقتصاد الحقيقي حتى الآن لم نري تحسن بخصوص تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر، وقد يكون هناك تحسن  في العام المالي الجديد 2018 ولا سيما بعد إقرار اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار.

التنافسية العالمية

كشف تقرير التنافسية العالمية لعام 2017ــ 2018 الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى عن تقدم مصر 15 مركزا فى مؤشر التنافسية الاقتصادية لتحتل المركز المائة عالميا، وهو أحسن أداء لبلد عربى طبقا للتقرير الذى نشره المنتدى وحذر فيه من أن فرص الانتعاش الاقتصادى المستدام لا تزال معرضة للخطر بعد مرور عقد على الأزمة الاقتصادية العالمية.

ويعزى التقرير ذلك إلى فشل صناع القرار على المستوى العالمى فى سن القوانين وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لدعم القدرة التنافسية وتحقيق زيادات فى الإنتاجية.

وللعام التاسع على التوالي، تتصدر سويسرا مؤشر التنافسية العالمية باعتبارها أكثر الاقتصادات تنافسية فى العالم، متقدمة بذلك على الولايات المتحدة وسنغافورة بفارق ضئيل، وجاءت أل

شاهد أيضاً

أمير قطر يغادر القمة العربية قبل انتهاء الجلسة الافتتاحية (شاهد)

غادر أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني الجلسة الافتتاحية للقمة العربية في دورتها الـ30 …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *